11 سبتمبر 2025

تسجيل

هؤلاء يخنقون غزة ماليا

20 يونيو 2016

منذ 10 سنوات يفرض حصار مالي خانق على نحو مليوني فلسطيني في قطاع غزة، وهي حملة مشتركة يشارك فيها كل من الكيان الإسرائيلي ونظام السيسي في مصر والسلطة الوطنية في قطاع غزة، إضافة إلى بعض الدول العربية التي قطعت مساعداتها بشكل كامل عن القطاع. وحتى المؤسسات الدولية تضع البنوك ومحلات الصرافة تحت الرقابة الشديدة، ويصعب جدا فتح حساب بنكي لعدد كبير من السكان في القطاع. الخنق المالي متعدد الوجوه والأشكال، فالكيان الإسرائيلي يتحكم من الناحية العملية بكل التدفقات النقدية إلى القطاع ويحاول تكريس اعتماد الفلسطينيين في غزة على التجارة معه، والتحكم بالبضائع والخدمات والكهرباء، وهذا يجعل من القطاع رهينة اقتصادية في يد الاحتلال الإسرائيلي، أما نظام السيسي فهو يمنع قطعيا إدخال أي أموال إلى القطاع، ويحكم سيطرته على المنفذ الوحيد الذي يربط غزة بالعالم الخارجي، ويتحكم بتدفق السلع والبضائع من مصر إلى القطاع، ويشكل مع الكيان الإسرائيلي كماشة تحيط بقطاع غزة من كل الجهات. وإضافة إلى العدوان المالي ضد القطاع الذي ينفذه الكيان الإسرائيلي ونظام السيسي الانقلابي فإن سلطة رام الله تعمل كالمطرقة من أجل خنق غزة ماليا، باعتراف وزير الحرب الإسرائيلي أفيجدور ليبيرمان الذي أعلن أن محمود عباس يعارض أي تخفيف للحصار عن غزة، وهو الأمر الذي لم يكذبه عباس.سلطة عباس شنت حملة عاتية من أجل تركيع غزة ماليا ومارست سياسة إقصاء ممنهجة ضد آلاف الموظفين الذين قطعت رواتبهم، وفي المقابل واصلت دفع مخصصات شهرية ورواتب لنحو 63 ألف شخص من المحسوبين على حركة فتح، وتتراوح المبالغ التي تحولها سنويا لهؤلاء بين 600 و750 مليون دولار، وذلك في واحدة من أبرز استخدامات المال السياسي لشراء الولاء، ومراكمة النقمة ضد حركة حماس التي تعتبر "النظام الحاكم" في غزة، بهدف تعقيد الأمور وتصعيبها لدفع الناس للثورة والتمرد على حركة حماس، ووصل الأمر إلى قطع مخصصات الجبهتين الشعبية والديمقراطية للضغط عليها ماليا من أجل جرهما إلى مربع فتح والسلطة والتماهي مع سياساتهما بشكل كامل، رغم أن تمويل الجبهتين الشعبية والديمقراطية لكونهما عضوين مؤسسين في منظمة التحرير الفلسطينية. وهذا ما يحدث بالطبع مع الفصائل الصغيرة. كما قام عباس بقطع مخصصات نواب حماس في المجلس التشريعي منذ 10 سنوات.هذه السياسات أدت إلى زيادة نسب الفقر والبطالة في قطاع غزة، وعدم قدرة الخريجين الجدد على إيجاد فرص عمل، والتأثير على العملية التعليمية في المدارس والجامعات في غزة، وضرب الخدمات الصحية والاجتماعية.الحصار المالي الذي تفرضه السلطة بدأ أيضًا بنقل الإدارات المركزية لكل البنوك الفلسطينية إلى الضفة الغربية وتفريغ قطاع غزة من الإدارات المالية، وفرضت على مكاتب الصرافة إجراءات لمنع تحويل أي مبالغ مالية كبير إلى القطاع، وعقدت الإجراءات الائتمانية، وأصدرت قرارًا بإعفاء المواطنين والتجار في القطاع من الضرائب والرسوم، لتشديد الحصار على الحكومة لدفعها إلى الإفلاس وعدم القدرة على تقديم أي خدمات للمواطنين.المفارقة الكبرى أن سلطة عباس التي قررت إعفاء المواطنين في غزة من الضرائب تفرض ضريبة كبيرة على المحروقات التي تستخدم في محطة توليد الكهرباء، لكي تؤجج أزمات الكهرباء والغاز، وهي تجني سنويا ملايين الدولارات من سكان القطاع المحاصرين، وتحقق أرباحا كبيرة على حساب "الغلابا" من أهل القطاع، وتصل الضريبة التي تفرضها سلطة عباس على المحروقات التي تباع في قطاع غزة 56%. تذهب إلى خزينة السلطة دون أن يستفيد منها أهل غزة.الدولة العربية الوحيدة التي تقدم مساعدات دائمة وثابتة لقطاع غزة هي قطر، ولولا الدعم القطري لباتت غزة من دون كهرباء وبدون خدمات، فقطر هي الوحيدة التي تدعم مباشرة قطاعات الصحة والبنية التحتية خاصة بناء المساكن التي دمرها العدوان الإسرائيلي الأخير، وما عدا ذلك فإن غالبية ما يصل إلى مساعدات يصب في خانة "المالي السياسي" الذي يستخدم لإدامة الحصار على 2 مليون فلسطيني في قطاع غزة.