11 سبتمبر 2025

تسجيل

قارئ القرآن

20 يونيو 2015

لقد فرض الحق سبحانه وتعالى الصيام لطهارة نفس المسلم وترويضا لها على الصبر وتحمل الآلام، والبعد عن المحرمات والترفع بها عن مظاهر الحيوانية التي همها الأكل والشرب وإشباع الغريزة، وتقوى الله عز وجل هي فعل أوامره واجتناب نواهيه بل لابد من إمساك الجوارح عن اقتراف الآثام والذنوب والمعاصي فليتنبه الإنسان لذلك وليبتعد عن كل ما ينقص الصوم ويضعف الأجر ويغضب الله عز وجل من سائر الذنوب والمعاصي كالتهاون بالصلاة والغيبة والنميمة والكذب وشهادة الزور غير ذلك مما نهى الله عنه، والترفع عن التقليد العمى الذي يعمي القلوب قبل عمى الأبصار ولنرجع لدستور السماء وليكن المسلم متخذا من قرآن الله تعالى دستورا له وعلامة تميزه عن غيره من الأمم يحلق به نحو التقدم والرقي يقرأ ويرتقي يعمل ويطبق يعلم أن السعادة في منهج الله، وأنه يستطيع أن يصل لمرتبة خير البرية بالقرآن والصيام والطاعة والذكر، ليتحقق بذلك معنى الصيام من تقوى وإيمان، فالمسلم في رمضان يصوم لله تعالى طمعا في رحمة الله تعالى ونجاة من شدائد يوم القيامة هذا اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فالقلب صلاح جسم الإنسان وكلما كان منيعا قويا كان صاحبه قويا وكلما هزل وضعف صار صاحبه هزيلا ضعيفا، فلقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد وإذا فسدت فسد سائر الجسد ألا وهي القلب وإنما يكون القلب صالحا إذا كان منورا بنور الله عز وجل ومكسوا بلباس التقوى والورع يمتلئ بآيات الله البينات فيسرج فيه شعلة من نور تزيده رونق وبهاء فيزداد قربا من الله تعالى وتظهر عليه أمارات السكينة والطمأنينة خاصة في هذه الأيام التي نعيشها الآن وهي أيام رمضان ولياليه المباركة.فلقد كرم هذا الشهر الكريم بإنزال القرآن فيه فليجعل المسلم لنفسه حظا ونصيبا فلكي يبلغ المسلم هذه المرتبة العالية من الطاعة والصلاح والتقوى والوعي والنضج، لابد من استرواح نسمات الهداية المعطرة من كتاب الله يفيء إلى ظلاله الوارفات كل يوم، فيكون له لقاء قرآني دائم يقبل فيه على آياته البينات يتلوها بتمعن وتبصر وتأمل وتدبر،فتتسرب معانيه في مسارب عقله ومشاعره ويتشرب قلبه نورانيته الصافية، فيخلف الله عز وجل عليه في الدنيا بالحياة الطيبة التي يزداد بها بشر وسعادة ويوم القيامة يقرأ ويرتقي حتى تكون منزلته عند أخر آية يقرأها ويشفع في أهله ويلبس والديه تاجا من النور والحلى، وبهذه التلاوة الندية تظهر على القلب حينئذ علامات الرقة والصلاح، فلا ترى صاحبه إلا رحيما رقيقا خاشعا سباقا للخير والفضل تواقا لكل بر ومعروف مشتاقا للقاء الله سبحانه وتعالى، فالقلب ما هو إلا وعاء الأعمال يحملها وينطبع بآثارها، فيكون صلاحه وفساده بحسب صلاح الأعمال وفسادها وبتقلب سلوك العبد وأخلاقه تتقلب ظواهر القلب وحالاته بين السلامة والمرض والسعادة والشقاء وبحسب موافقة الأعمال لشرع الله جل وعلا وكثرتها وقلتها وإخلاصها تكون رقة القلب أو قسوته.فإن الله سبحانه وتعالى منّ على هذه الأمة بأن زادها الله شرفا بالدين الذي ارتضاه، إنه دين الإسلام وأرسل إليه محمد خير الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام وأكرمها بكتابه أفضل الكلام وجمع فيه سبحانه وتعالى جميع ما يحتاج إليه الناس من أخبار الأولين والآخرين والمواعظ والأمثال والآداب وضروب الأحكام والحجج الظاهرات وضاعف الأجر في تلاوته وأمرنا بالاعتناء به والإعظام له وملازمة الآداب معه وبذل الوسع في احترامه فحاجة القلب الماسة إلى تدبر القرآن تجعل في القلب حجة لا يسدها إلا ذكر الله والتلذذ بكريم خطابه وإن فيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بكتابه وإن فيه قلقا وخوفا لا يؤمنه إلا السكون إلى ما بشر الله به عباده وإن فيه فاقة لا يغنيها إلا التزود من حكم القرآن وأحكامه والاستظلال بآياته الكريمة التي تزيده بهاء ونورا.