13 سبتمبر 2025

تسجيل

العبث العقدي بالدين

20 يونيو 2015

لا تزال الطائفية هاجسا مجتمعيا في منطقتنا العربية لأنها إحدى أنظمتنا الفكرية الموروثة التي لم ننجح مطلقا على ما يبدو في إقصائها ورفضها باعتبارها مرضا ثقافيا وحضاريا، فيما يحتشد التاريخ بكثير من النتائج السلبية المتراكمة التي تؤكد عبثها باستقرار الدول والشعوب.مع ظهور التطرف والأنظمة الإرهابية استخدمت الطائفية بصورة بشعة عملت على تمزيق المجتمعات الهشة في بنيتها الاجتماعية، وتم استغلال الدين لأغراض طائفية تؤجج نار الانقسام والاقتتال، ولو لم تكن هناك بقايا موروث سلبي لما انتهى الحال إلى هذا الوضع المتأزم.لم تنجح مجتمعاتنا عبر القرون في تطوير فكرها بما يقاوم ويحد من أضرار الطائفية، ذلك جدير بأن يعمل على تآكلها وتواضع قدراتها في مقاومة أفكار متطرفة وانهزامية، ما يستدعي مراجعات فقهية واجتماعية للسلوك الاجتماعي والديني لأن هناك خللا يسمح باختراق الطائفيين والمتطرفين ووجود مناخ ملائم لهم لنشر أفكارهم واستقطاب الشباب الذين لا يملكون الوعي الكافي لفلترة ما يأتيهم من ضخ طائفي.الطائفية أحد أخطر مهددات الأمن والسلم الاجتماعي والوطني، وما لم تحدث مراجعات علمية منهجية فإنها ستعمل على تآكل مجتمعاتنا وإدخالها نفقا مظلما من القتل المتبادل والدمار الحضاري، وسنفعل ذلك بأيدينا على النحو الذي نرى انعكاساته ونتائجه في سوريا والعراق، في وقت يتمدد فيه التطرف وأنظمته وجماعاته.التطرف والطائفية متلازمان وخطران مقيمان في العقل الاجتماعي والديني، وينبغي الاعتراف بذلك حتى نلتمس معالجات مهنية ومنهجية توقف استمرار النتائج المأساوية لهما في واقعنا، لأن المستقبل في خطر مؤكد طالما استمرت هذه الأفكار في النمو مع وعينا دون جهد حقيقي لتخليص المجتمعات منها، فهناك تكاسل وسلبية في التعاطي مع خطاب إقصائي متطرف تحت شعار الدين الذي يتم تأويله بصورة خاطئة وغير دقيقة تنتهي إلى المآلات التي نراها.الدين رحمة وأمن وأمان ويقين وسلام وتسامح، وكل تلك قيم لا تلتقي مع التطرف والطائفية، وحلّت بدلا عنها مفردات قبيحة وخشنة تعادل الموت والدم والعنف والعداء، وبذلك نحصد خللا في الاتجاهات الدينية والعقدية التي تشوهت بمثل هذه الإحلالات الخاطئة التي تترادف مع الجريمة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، والدين ليس كذلك، لأننا حين نفقد الأمان والسلام الداخلي فمن المؤكد أن هناك عبثا عقديا قد حدث.