11 سبتمبر 2025

تسجيل

السودان: إطلاق سراح المعتقلين هل يفيد حوار الوفاق الوطني؟

20 يونيو 2014

أصدر رئيس اللجنة المركزية لحزب الأمة السوداني بيانا مقتضبا حول اعتقال وإطلاق سراج السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة جاء فيه بالحرف (إن الذي قاله السيد الإمام المهدي عن قوات الدعم السريع مستوحى من شكاوى (وادعاءات) ليست صحيحة بالضرورة). يأخذني إحساس قوي بأن ذلك البيان الاعتذاري المقتضب يجّرم السيد المهدي من حيث أراد تبرئته حين جعل منه شخصا يلقي الكلام على عواهنه ودون تثبت. وهو أمر لا يليق بزعيم سياسي بحجم السيد المهدي. فالإمام بحسب بيان السيد قيلوب ردد (ادعاءات ليست صحيحة بالضرورة) ويكون قد أصاب قوما بجهالة وارتكب إثما عظيما. وأقطع أن السيد المهدي لم يأت جرما بما قال في حق المليشيات المسلحة التي كم روعت القرى والحضر. بل أقول بعكس ما قال به الأستاذ قيلوب بأن ما ذكره السيد المهدي عن قوات التدخل السريع، اسم الدلع لقوات الجنجويد سيئة السمعة ليس ادعاء. فقد سمع الشعب السوداني باسم هذه القوات سيئة السمعة أول مرة عند تفجر النزاع المسلح في إقليم دارفور بداية من عام 2003 عندما جيشت الحكومة مليشيات قبلية مسلحة ذات أصول عربية لتسند القوات المسلحة ضد المتمردين الذين ينتمون في غالبيتهم إلى قبائل ذات أصول إفريقية. وكان أن سمع الشعب السوداني وشاهد بالصوت والصورة الفظائع التي أحدثتها تلك المليشيات الأمر الذي جلب على السودان اتهامات جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي مازالت معلقة تنتظر التحقيق والقرار. فالذين قتلتهم هذه المليشيا المستأجرة وهم يدافعون عن أعراضهم وممتلكاتهم ومنهم أشخاص كبار اجتماعيا في مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان ليسوا أشباحا إنما فيهم من كان مليء السمع والبصر. مثل ذلك التاجر الكبير الذي ارتجت لمقتله المدينة. والدموع التي ذرفها السيد أحمد هرون وإلى شمال كردفان وهو يتفقد ما أحدثته تلك المليشيات من قتل وتخريب ليست أكذوبة. فالمشهد مازال محفوظا بالصوت والصورة في الإعلام الاسفيري. وطرد الوالي لتلك القوات من ولايته عن طريق التهديد بالاستقالة ليس ادعاء تروجه إسرائيل ذلك المشجب الذي اعتدنا أن نعلق عليه كل أخطائنا. صور إجلاء تلك القوات بقضها وقضيضها كانت مادة إعلامية ماجت بها حتى صحف الحكومة وإعلامها. وأقطع أخيرا بأن بيان رئيس اللجنة المركزية لحزب الأمة يعبر عن تسوية من نوع ما تم التوصل إليها بين الطرفين للملة الموضوع وللتغطية على ما لا يراد الخوض فيه من قبل الطرفين. ومن نافلة القول إن هذه التغطيات واللملمات هي التي قعدت بالأوضاع السياسية في مكانها القديم وحتى اليوم. المثل يقول إن آخر العلاج هو الكي. ولكننا لم نعد قادرين على تحمل الكي من أجل العلاج الشافي. فإطلاق سراح السيد المهدي دون محاكمة اخرج الحكومة من ورطة قانونية كبيرة لأن دفاع السيد المهدي سيكون في إمكانه أن يستدعي السيد والي ولاية شمال كردفان للشهادة تحت القسم عن تجاوزات هذه القوات في مدينة الأبيض تلك التجاوزات التي فاحت وعمت القرى والبوادي والحضر. لقد حفظت التسوية الثنائية للطرفين بعض المزايا ووفرت عليهما رهق المواجهة القانونية. ولكنها أبقت على العوار ولم تعالج جراحه الصديدة.