16 سبتمبر 2025

تسجيل

الهوجة الطائفية في العراق.. تيار صاعق

20 مايو 2015

أيام صعبة وحاسمة يعيشها العراق وهو يتنقل في معاركه الداخلية من فشل لآخر، ومن نكسة لكارثة!!، ومن فجيعة دموية لمصيبة إنسانية، فمنذ تغيير حكومة المالكي الفاشلة التي أورثت لخلفه العبادي ألغاما وشراكا رهيبة، والعراق ينتقل من فشل لآخر، ومن مصيبة لأسوأ منها في مهرجان وكرنفال دموي مستمر من القتل والتخريب والتدمير الذاتي لمقومات الدولة والمجتمع، في بلد أكلت منه الروح الطائفية كل وهجه الحضاري وألقه التاريخي وسمعته الثقافية المعروفة عبر الحقب والأزمان. العراق اليوم لم يعد رجل العرب المريض فقط، بل تحول لغرفة العناية المركزة بعد تصاعد الصراع الطائفي فيه لآفاق لا يمكن أبداً التكهن بنهاية مساراتها المؤلمة، فحادث الاعتداء البربري على ديوان الوقف السني ومحاولة اقتحام وحرق مسجد الإمام الأعظم أبي حنيفة في أعظمية بغداد، لم يكن مجرد حادث عرضي، ولا مؤامرة مدبرة من خلف الحدود كما حاول البعض تبرير ما حصل، بل جاء نتيجة لعمليات شحن طائفي رهيبة، وحملات تثقيف طائفي عدوانية من أطراف معروفة تمتلك السلطة والقرار في عراق اليوم المدمر.فمن هاجموا الديوان كانوا عناصر معروفة الانتماء، كما كانوا من صغار السن الذين يوجهون من قبل قيادات طائفية أدمنت الفكر التخريبي وتحولت لخفافيش لا تتحرك إلا في الظلام لبث الشائعات والرعب وممارسة الإرهاب الطائفي ضمن أجندة طائفية معروفة تديرها قيادة الحرس الثوري الإيراني التي تمتلك قواعدها السلطوية الفاعلة في عمق الحكومة العراقية الخاضعة لتلك القيادة والمؤتمرة بأمرها، والعاملة ضمن مشروعها التخريبي الرهيب الذي قطع خطوات طويلة جدا في الحفر والتنقيب بأساسات الولاء الوطني من خلال غلبة الروح والشعارات الطائفية وغياب المنهجية الوطنية. لقد كان واضحا منذ بداية الدعوة لتشكيل ما يسمى بقوات الحشد الشعبي استنادا لفتوى الجهاد الكفائي بأن الأمور ستخرج عن السيطرة نظرا لضعف الحكومة العراقية وعدم قدرتها على توجيه الأمور أو معالجة أي توتر، وفعلا فتحت هدير شعارات حرب داعش والدفاع عن المقدسات سيطرت على الشارع العراقي جيوش جديدة وعناصر زاعقة مسلحة وتتحرك طائفيا بقيادة إيرانية مباشرة وكانت المفاجأة في ظهور عناصر إرهابية دولية معروفة تبوأت مقعدها القيادي في تلك الميليشيات وأبرزهم الإرهابي الدولي المطلوب للولايات المتحدة ولدولة الكويت جمال جعفر الشهير بأبي مهدي المهندس، والمطارد، ومع ذلك فقد تبوأ منصب نائب رئيس الحشد الشعبي!! كما ظهرت تنظيمات طائفية بأسماء ودلالات وعناوين إيرانية ومستفزة أيضا، بل إن التوتر الطائفي قد اشتعل بدموية مفرطة بعد استعادة تكريت وحملات السلب والنهب والقتل على الهوية التي أتبعتها، والأخطر من كل شيء هو التغول الكبير لذلك الحشد ومحاولته السيطرة والهيمنة الكاملة على سيادة الدولة التي تهاوت كثيرا بعد أن استقبل حيدر العبادي إرهابيين دوليين معترفا بسطوتهم وسلطتهم، وهو ما أثار الحليف الأمريكي الذي ليس على استعداد للقتال بجانب تلكم الميليشيات التي تناصب التحالف الدولي العداء.القمة في التوتر بلغت مع التقسيمات الإدارية الجديدة واقتراب الميليشيات الإيرانية من الحدود السعودية بعد دخول منطقة النخيب الصحراوية وتهديد الجار السعودي بميليشيات إيران الطائفية الهادفة للانتقام، وقد ترافقت تلكم الأحداث مع ما حصل في هوجة الأعظمية، وما تبع ذلك من انهيار حكومي شامل في الأنبار بعد احتلال تنظيم الدولة لمركز الرمادي في انتكاسة عسكرية تذكرنا بانتكاسة الموصل في صيف العام الماضي.ويبدو أن نكسات العراق لا تنتهي، وصيفه الحالي سيشهد جولات ساخنة، بل محترقة تؤشر على وضعية عراقية مؤسفة بعد أن أضحى التيار الطائفي الصاعق هو المتحكم بمسارات الأوضاع الكارثية.