26 أكتوبر 2025
تسجيلالشخص الذي نسميه بـ "الفالت" ليس بالضرورة سيئا، فهناك نوع من الفلتان ينم عن شخصية لا تحب القولبة والتأطير والتحجيم يتميز بها أشخاص برمجتهم مختلة او مقلوبة، ولا أقصد بالطبع الفلتان الأخلاقي بمعنى الخروج عن القواعد والضوابط، بل الفلتان الذي ينم عن الجنون اللذيذ، فهناك أناس عقلاء في أمور معينة ولكنهم "مجانين" لكونهم يخرجون عن مألوف السلوك دون تسبيب أذى للآخرين، ودون الخروج على الضوابط المرعية في الأقوال والأفعال؛ أعني - مثلا - من تنبهه زوجته الى ان أمامه فقط نصف ساعة ليلحق بطائرة، فيشكرها ويدخل الحمام ويظل يغني تحت "الدوش"، ثم يخرج من الحمام، ويقول لزوجته: سوي لنا شاي، ترا أنا ما أحب شاي الطيارات.. الشاي عندهم بارد، والماي حار.. تصيح فيه زوجته: يا خبل يا أهبل باقي على موعد الطيارة عشر دقائق ومن هنا للمطار ربع ساعة على الأقل وأنت تحكي عن البارد والحار، بصراحة أنت شخص بارد، وتأكيدا لبروده يقول لها: في العجلة الندامة، طبعا نوع التأني الذي يمارسه امثال صاحبنا هذا هو الذي فيه الندامة وليس السلامة. ومعظمنا يعرف أشخاصا من تلك الشاكلة، (وهم في غالبيتهم من الرجال، لأن النساء عادة أكثر انضباطا في السلوك والقول)، المهم ان هؤلاء إما يأخذون الأمور ببساطة "مزعجة" أو يتصرفون على نحو غير مألوف ويخالف منطق الأشياء، وهكذا تجد من حولك أشخاصا عجيبين يقلبون كل شيء فوق - تحت. فما من حكمة او قول مأثور إلا واستخدموه بالمقلوب لتبرير أفعالهم او تقصيرهم، فتجد من يقول لك انه طالما ان الخبرة والممارسة تؤدي الى الكمال، ولكن وبما انه لا يوجد إنسان كامل فما الحاجة الى الممارسة والخبرة (لا تتعب نفسك وتشرح له ان الكمال هنا نسبي). ذات يوم رغبت زوجتي في شراء شيء ما ولكنني أوضحت لها انني لا أملك المال الكافي لذلك، فصاحت بنتي الصغيرة: ماما ليه ما تزوجتِ شخص غني، وكان رد الأم أسخف من سؤال البنت: القسمة والنصيب يا بنتي (وهذه عندما تقال بطريقة معينة يكون فيها عنصر التهكم). وقد أصدرت عفوا عاما عن تلك البنت يشمل ما تقدم وما سيأتي من أقوالها، وذلك طلبا لراحة البال وإليكم فيما يلي طائفة من الأقوال والحكم المعكوسة المقلوبة (وبالتالي لا يجوز وصفها بالحكم)، وذلك لإثبات ان بعض القول الفالت يحمل على الابتسام بل وربما إعادة التفكير في بعض الحكم والأقوال المتداولة: الانجليز يقولون: إذا كان والدك فقيرا فهذا قدر لا فرار منه ولا يد لك فيه، أما إذا كان والد زوجتك فقيرا فهذا يعني إنك غبي. ولديهم أيضا حكمة شعبية تقول: لقد ولدتُ ذكيا ولكن المدرسة قضت على ذكائي! (هل هناك إدانة أبلغ من هذه للنظم التعليمية التي تلغي ذكاء الطالب وتجعل منه ببغاء مهمته حفظ المقرر المدرسي عن ظهر غيب و"تنزيله" على ورقة الامتحان؟)؛ ونبقى مع الجنون اللذيذ ونتساءل: إذا كان واجبا علينا مساعدة الآخرين فما دور هؤلاء "الآخرين" في الحياة، وإذا كان هؤلاء "الآخرون" في حاجة الى مساعدة على الدوام فلماذا نجعل منهم اتكاليين متواكلين؟ وثمة سؤال في اللغة: لماذا كلمة "الاختصار" طويلة؟ وألا تتفق مع الرأي القائل بأن النقود ليست كل شيء فهناك بطاقات فيزا وماستر كارد وظهرت مؤخرا عملة افتراضية اسمها بِت كوين bitcoin! وإذا كان وراء كل رجل ناجح امرأة فهل يكون وراء كل رجل غير ناجح امرأتان؟ أم ان نجاح الرجل يصبح مضاعفا؟ وبالمقابل هناك من يرى أنه على كل شخص ان يسعى للزواج لأن السعادة "ليست" هي كل شيء في الحياة!. وهذه خاطرة قد يحسبها البعض خطرفة ولكنها تنُمُّ عن فهم عميق لطبيعة البشر: كلما صار النجاح قريبا منك كلما كثر عدد "قرايبك"! أما إذا كنت فاشلا – خصوصا في جمع المال، فستصبح "مقطوعا من شجرة"؛ وعلى كل حال تذكر أن مستقبلك يتوقف على أحلامك وعليك بالتالي مواصلة النوم!. وهذه مقولة يتعلل بها انصار الجهل: كلما ازددت علما ازددت معرفة وكلما ازدادت حصيلتك المعرفية ازددت توهانا ونسيانا، وكلما ازددت توهانا ونسيانا نقصت حصيلتك المعرفية. فما الداعي إذن للتعلم؟. وللصغار منطق مدهش.. تعاتب الواحد منهم لأنه لم يستحم طوال أربعة أيام "حتى صارت ريحتك تقرف" فيقول لك: السمك طول عمره في الماء ومع هذا فرائحته مقرفة على الدوام. [email protected]