11 سبتمبر 2025

تسجيل

تزمين المكان

20 أبريل 2014

لا يئن ولا يحنّ ودوماً يأخذ أكثر مما يمنّ، لا ينتظر أحداً ولا يبالي بغير العمل وآليات التنفيذ. مَنْ منكم شاهده جالساً على طرف الطريق ينتظر من تعثر أو تأخر عن الركب؟! من منكم صاح عليه وقال له أرجوك انتظر يا وقت.. وعبئ بكلامه أو التفت إلى الوراء؟؟ هذا كائنٌ لا يعرف الموت ولا الركود، سهمٌ مطلق إلى الأمام مَنْ حالفه سَلِمْ ومن عاداه نَدِمْ ومن سبقه غَنِمْ . ما حدا بي لهذا القول ما جاء بكتاب (الزمن والمكان الاجتماعي) لسيرج موسكوفيتش بقوله: «عندما نمعن النظر فيما حدث منذ قرن نلاحظ أن الحضارة الغربية هي أول حضارة للزمن، نحن نقيس كل شيء بعبارات الزمن: العمل، المسافات، التاريخ.. نُزمّن كل شيء حتى الأشياء التي كان يُفترض أنها تنساب في المكان». ألا يستدعي هذا القول التمحيص والوقوف عنده لنتأمل طويلاً عاداتنا التربوية، فالزمن تربية والتربية زمن، والإنسان هو حصيلة الاثنين معاً وبذا نجتلي أننا تشكلنا بطريقة ماضوية نحنّ فيها الى كل ما رحل ، شيخنا يترحم على الماضي وكهلنا يتأفف ويقول: سقا الله ، حتى طفلنا يتوجه نحو هذا النموذج من حيث لا ندري .. لا غبار على ماضينا ولا أحد يختلف على جواهر تراثنا النادر ولكن السؤال المُلحّ: كيف لنا أن نوجّه تفكيرنا لأخذ العبر منه بدلاً من الاعتصام فيه. تقول الباحثة والأديبة المغربية فاطمة المرنيسي: «نحن مختلفون عن الغرب بالطريقة التي نستهلك بها الماضي، هم يصنعون منه طبق حلوى لنهاية الوجبة ونحن نحاول أن نجعله صحنها الرئيسي، هم يستهلكون الماضي كنوع من التسلية، من ضغط الحاضر ووطأته ونحن نستشري في أن نجعل منه مهنة»!