12 سبتمبر 2025
تسجيلالحرب تنتج عباقرة وعظاما في خيرهم وشرهم، وتلك مفارقة إنسانية غريبة، وقد عرفت البشرية عبر عصور ومراحل تاريخية مختلفة كثيرا من الشخصيات القيادية التي برزت في الحروب وويلاتها، فكان منها الداهية كعمرو بن العاص ومن جمع الذكاء والشجاعة والدهاء كخالد بن الوليد ومنهم السفاح كيوسف الحجاج وهتلر وموسوليني وغيرهم، وكل عمل ومضى في حربه وسلمه على ما اتصف به فمنهم من حرق ودمر وأباد البشر، ومنهم من خاف قطع شجر، وهكذا التاريخ يسطر صفات القادة فمنهم من يدون اسمه من نور ومنهم من يذهب إلى مزبلة التاريخ. للقائد السفاح دوما بداية قوية وشرسة يظهر بها جبروته وقوته، حتى يصبح الكل يهابه ويحسب له ألف حساب، وهذا الجبروت غالباً ما يكون هو ما يزكيه بسيف الغرور في النهاية ويمحو تاريخه، ثم ما يلبث الزمن أن يؤدب الطاغية المتغطرس، والشاهد المعاصر لذلك حالة سوريا، حيث مارست جيوش الأسد الصغير في البداية أقسى أنواع القتل والتنكيل في الشعب السوري ومشاهد اليوتيوب كانت الدليل على ذلك، إذ نراهم يستخدمون الأسلاك والعصي والسكاكين للضرب والتعذيب وقطع الرؤوس ومع مضي رحلة العذاب والموت لم يعد هذا السلاح يجدي نفعا، فالنفوس تحررت من الخوف وأظهرت الشجاعة في الدفاع عن العرض رافضة أن تستسلم وتستكين. كيف للظالم أن يقضي على إرادة شعبه بالأسلحة مهما بلغ تطورها؟ ذلك ضد منطق التاريخ، وما صعد طاغية بجبروته وعنفه ودمويته إلا كما صعد وقع في خاتمة المطاف، وقد أصبح الأسد يتعامل في هذه الحرب ضد الجيش الحر والشعب السوري كحرب حقيقية مستخدما فيها الصواريخ والأسلحة الكيماوية، وأصبح سيناريو انهزامه النفسي والمعنوي وفي ميادين القتال بمثابة قصة يمكن أن تحولها هوليوود دراما على نمط أفلامها التي ما أن يبدأ أحدها فلا يمكن لأحد أن يتنبأ بالنهاية ولكن عندما يصل إلى المنتصف تبدأ ملامحها في الظهور وعند الربع الأخير توضع النقاط على الحروف، وهذا ما بات عليه حال الأسد الصغير، فالآن باستخدامه الأسلحة الثقيلة وقناعته بأن ما يجري هو حرب فإنه كتب النهاية بنفسه، ولكن الكل متشوق أن يرى المشهد الأخير هل سيكون مثل القذافي أم مبارك أم بن علي؟ بتنا أكثر تشوقا لأن تضيء الأنوار وتكتب عبارة (game over).