19 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا أدري إن كان الحديث الشريف الذي أخبر فيه الرسول عليه الصلاة والسلام عن دخول امرأةٍ النار في هرّة (قطّة) عذبتها، حبستها حتى ماتت من الجوع، فلا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض - أي حشراتها - لا أدري إن كان هذا الحديث قد مرّ على بعض من يشاركون في حصار أهل غزة أم لا.ولا أدري إن كانوا قد قرؤوا هذا الحديث من قبل كيف لنفوسهم وقلوبهم أن تطمئن وترتاح وهم يشاركون في تجويع أكثر من مليون نفس مات بعضهم بسبب الجوع أو المرض.ولا أدري كيف لمن قسى قلبه فسمح بانتهاك الأعراض، والتعدي على النساء، وتعذيب الشيوخ الكبار والأطفال الصغار، كيف له أن يرتجي رحمة الله يوم القيامة!عندما أقرأ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تتحدث عن الرحمة، فأجد أن معظمها يشير إلى أن رحمة الله تعالى إنما يستحقها من رحم الناس والخلق في الدنيا، ومنها (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) وحديث: (من لا يَرْحم لا يُرحَم) وقوله عليه الصلاة والسلام (لا يرحم الله من لا يرحم الناس).فهل يعقل لمن يعلم أن وراءه يوما ثقيلا يحتاج فيه المرء إلى رحمة الله وعفوه ومغفرته، ثم هو يستمر في بطشه وظلمه وتعديه على أرواح الناس ودمائهم.إن الله تعالى ليتجاوز عمن وقع بالذنوب العظام بسبب رحمته بالحيوان، كتلك المرأة البغي - الزانية - من بني إسرائيل، والتي رأت كلبا يدور حول بئر قد أنهكه العطش ولا يقدر على الشرب، فخلعت حذائها وملأته بالماء ثم سقت الكلب، فشكر الله صنيعها وغفر لها ذنبها. فإن كانت الرحمة بالحيوان تُدخل الجنة، فكيف برحمة الإنسان؟عندما يتولى إنسان مسؤولية رعاية أقوام فعليه أن يدرك أنه مسؤول عنهم أمام الله تعالى، وبأن عليه أن يحسن معاملتهم ويرفق بهم، ويسعى لتسهيل حياتهم ومعاشهم، وكلما رفق بهم استحق أن يرفق الله به، وإن شق عليهم فعليه أن ينتظر نفس الجزاء.ورد في الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام دعا ربّه فقال: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به".حدّث أسلم خادم عمر بن الخطاب فقال: خرجت مع عمر ليلة وبعدنا عن المدينة نتفقد أهل المنازل النائية، فبصرنا نارا من بعيد، فقال: يا أسلم إني أرى هاهنا ركبًا قصر بهم البرد والليل، انطلق بنا فخرجنا نهرول إلى أن دنونا منهم، فإذا بامرأةٍ ومعها صبيان وقدرٍ منصوبة على نار، وصبيانها يتضاغون (أي يصيحون ويبكون) فسلّم عمر ثم سأل المرأة: ما بالكم؟ فأجابته: قصر بنا البرد والليل، فقال: وما بال هؤلاء الصبيه يتضاغون؟ قالت: الجوع! فسألها عما يوجد في القدر، فقالت: إنه ماء أسكتهم به حتى يناموا، والله بيننا وبين عمر(تشكو وتدعو على عمر) فقال: أي رحمك الله وما يدري عمر بكم؟ فقالت: يتولى أمرنا ثم يغفل عنا؟ فأقبل عليّ فقال انطلق بنا، فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق فأخرج كبة من شحم، وعدلًا من دقيق. وقال احمله عليّ، قلت أنا أحمله عنك، قال أنت تحمل وزري يوم القيامة لا أُمّ لك! فحملته عليه. فانطلقت معه نهرول إليها. فألقى ذلك عندها، وأخرج شيئًا من الدقيق. فجعل يقول لها: ذرّي علي وأنا أحرك لك. وجعل ينفخ تحت القدر وكانت لحيته عظيمة. فرأيت الدخان يخرج من خلالها حتى طبخ لهم، ثم أنزلها وأفرغ الحريرة في صحفة وهو يقول لها: أطعميهم وأنا أسطح لهم (يعني أبرده لهم) ولم يزل حتى شبعوا، فجعلت تقول: جزاك الله خيرا كنت أولى بهذا الأمر من أمير المؤمنين.فقال: قولي خيرا، وإذا جئت أمير المؤمنين وجدتني عنده إن شاء الله.ثم تنحّى عنهم، وأخذ يراقبهم، حتى رأيت الصبية يتصارعون ثم ناموا وهدأوا.فقام يحمد الله ثم قال: يا أسلم إن الجوع أسهرهم وأبكاهم، فأحببت ألا أنصرف حتى أرى ما رأيت.(ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).