16 سبتمبر 2025

تسجيل

أمي لن أجحدك بعد اليوم

20 مارس 2014

إن الشريعة الإسلامية السمحة التي جاء بها خير البشر عليه الصلاة والسلام قد جاءت بتكريم الأم والحض على برها كل وقت، فالواجب على المسلمين أن يكتفوا بما شرعه الله لهم من بر الوالدة وتعظيمها والإحسان إليها والسمع لها في المعروف كل وقت وأن يحذروا محدثات الأمور التي حذرهم الله منها والتي تفضي بهم إلى مشابهة أعداء الله والسير في ركابهم واستحسان ما استحسنوه من البدع. فإن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن وقوع متابعة أمته للأمم السابقة وتقليدهم في كثير من الأمور من اليهود والنصارى، وليس هذا بلا شك من المدح لفعلهم هذا بل هو من الذم والوعيد، فعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراعٍ حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى قال: فمن؟) رواه البخاري. وليس ذلك خاصا بالأم فقط بل قد شرع الله للمسلمين بر الوالدين جميعا وتكريمهما والإحسان إليهما وصلة جميع القرابة وحذرهم سبحانه من العقوق والقطيعة ولقد خص هدي الإسلام الأم بمزيد العناية والبر. فكيف ينسى أو يتناسى الواحد منا الأيام الصعاب التي واجهها الوالدان في سبيلنا من حمل ومن رضاعة ومن تربية ورعاية وبذل للمال والنفس ولسنين طوال فلقد وهبوا لنا كل حنانهم ودعوا لنا بالخير والأمان. دون من ولا أذى وبدون مقابل ولا يريدون منا إلا البر اليسير والاحترام والتقدير والمداراة الجميلة البسيطة. فعناية الأم بالولد أكبر ما ينالها من المشقة في حمله وإرضاعه وتربيته. فالأم كلمة عظيمة كبيرة الكل يشعر بها والكل يتبارى لإيجاد السعادة بكلمة حب وهدية حب لأم قضت حياتها تعمل من أجل سعادة من تحب شعور متبادل ومحبة عميقة متأصلة داخل وجداننا مابين حب أم لأبنائها وحب أبناء لأمهاتهم الجميع مابين أمهات وأبناء ينتظر بلهفة شديدة مناسبة للتعبير عن أواصل متعمقة ومليئة بالحب والمودة.فالإنسان البار هو الذي يسعى جاهدا لرسم البهجة والفرحة على وجه الأم وهو يحنو عليها مقبلا رأسها ويديها. فتكون يديه ممتلئة بشيء من البر ومن هنا كان المسلم الحق بار بوالديه في الأحوال كلها، عاملا على إسعادهما وإدخال السرور على قلبيهما ما استطاع إلى ذلك سبيلا في حدود طاعة الله عز وجل،لا يدخر وسعا في تقديم ألوان البر والرعاية والإكرام لهما بالوجه الطلق المحيا الباسم الثغر الفائض بالحب والحنان والوفاء والعرفان بالفضل لصاحبي الفضل الكبير. فلماذا نريد أن نكسر خاطر الأمهات وندعي أن هذا ليس من الدين بل هو من صميم الدين فأيام السنة كلها بر بالأمهات وإن كان يزعجنا أن نسميه عيدا فلنقل عنه يوم الأم فلا تقل هذا من فعل الغرب بل نحن المسلمين أسبق منهم إلى البر ونحن أولى بالإحسان منهم فلماذا تريد كسر خاطر الأم. وينبغي أن نقول لمن أراد أن يحسن إلى أمه في أي وقت فليحسن وليداوم على هذا البر ولا يتوقف عند يوم معين فإن من شيمة ديننا الحنيف الوصية بالوالدين وما ينبغي للمسلمين أن تغيب فيهم هذه الخليقة مهما تعقدت أمور الحياة. ومهما طرأ عليها من تطور ومهما تجمع فوقها من ركام العادات المستوردة. فهي من الخلائق التي تحفظهم من تحجر القلب وتقيهم من أنانية السلوك. وتردهم إلى أصالتهم وإنسانيتهم ووفائهم. إذا ما تردى غيرهم في حضيض الأثرة والجحود والكفران وهي فوق ذلك كله تفتح لهم أبواب الجنان. فالمسلم يعي ويمتثل لهذه النصوص الوفيرة التي استفاضت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والتي تدعوا إلى البر بالوالدين وحسن مصاحبتهما، فلا يسعه إلا أن يكون البر بالوالدين سجية من ألزم سجاياه، وخليقة من أبرز خلائقه. فلقد رفع الإسلام طاعة الوالدين إلى مرتبة لم تعرفها الإنسانية في غير هذا الدين. إذا جعل الإحسان إليهما والبر بهما في مرتبة تلي الإيمان بالله والعبودية له. فقد جاءت آيات الله تترى متضافرة متعاقبة تضع مرضاة الوالدين بعد مرضاة الله وتعد الإحسان إليهما فضيلة إنسانية تلي فضيلة الإيمان بالله يقول الله تعالى (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين أحسانا)النساء: 36.فذلك القلب الذي شملني حنانا وتلك العيون التي سهرت على رعاية أفتستحق أمي بعد ذلك أن أجعل لها يوما فقط في السنة لا يا أمي. لن أجحدك بعد اليوم فعيدك يا أمي هو رؤيتك كل يوم فليس مطلوبا منا الكثير سوى أن نبدأ من الآن بود الوالدين وأن نعمل على رضاهم ونستثمر وجودهم. فوجودهم بيننا حسنات وعلينا أن نحافظ عليها ونستغل دعاءهم ورضاهم.