15 سبتمبر 2025
تسجيلبرنامج التنمية الخليجي الذي أعلن عنه في الأسبوع الماضي يمثل أهمية كبيرة لدول مجلس التعاون، حيث تتوافر إمكانات هائلة لتطوير مهام هذا البرنامج وتحويله إلى صندوق تنموي يساهم في تنمية القاعدة الإنتاجية للدول الخليجية لتنويع مصادر الدخل وتوفير المزيد من فرص العمل وزيادة التكامل الاقتصادي الخليجي. ومع أنه لم يعلن حتى الآن عن رأسمال هذا المشروع وهيكليته الإدارية ومهامه المستقبلية، إلا أن تحديد 20 مليار دولار للمساهمة في تنمية الاقتصاديين البحريني والعماني على مدى السنوات العشر القادمة يشكل بداية جيدة لعمل المشروع، حيث يتوقع ألا تقتصر هذه التوجهات التنموية على المساعدة في تطوير مرافق البنية التحتية والإسكان، كما هو معلن، وذلك رغم أهمية هذين البندين للتنمية والاستقرار في البلدين المعنيين. والحال، فإن البحرين وعمان، وربما دول خليجية أخرى في المستقبل بحاجة إلى مشاريع تنموية تساهم في رفع مستويات المعيشة وتوفير فرص عمل للإعداد المتزايدة من خريجي الجامعات والمعاهد، وبالأخص تلك المشاريع التي تتناسب وهيكلية الاقتصادات الخليجية وما تتمتع به من أفضليات إنتاجية. لقد أسهم مصنع ألومنيوم صحار بسلطنة عمان على سبيل المثال والذي أقيم مؤخرا بمساهمة إماراتية في توفير مئات الوظائف للمواطنين العمانيين وشكل إضافة مهمة للاقتصاد العماني، أما آخر مشروع من هذا الطراز أقيم في البحرين، فقد كان قبل عقدين من الزمن، وهو مشروع البتروكيماويات الخليجية، وذلك بمساهمة كويتية سعودية، وهو بدوره لعب دورا مهما في تنمية الاقتصاد البحريني، حيث تعتبر مثل هذه المشاريع الإستراتيجية نادرة في هذين البلدين الخليجيين، في الوقت الذي هما بحاجة ماسة لتنويع مصادر الدخل بسبب تواضع ثرواتهما من النفط والغاز. لقد تمكنت كل من عمان والبحرين من تخفيض نسب العاطلين عن العمل في العقد الماضي، حيث انخفضت هذه النسبة من 12% بالبحرين في بداية العقد إلى 3.5% فقط في الوقت الحاضر، وهي نسبة متدنية وتقل كثيرا عن متوسط النسبة في البلدان المتقدمة، كالولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي، إذ تصل نسبة العاطلين هناك إلى 8% في المتوسط. ومع أن النسبة الأكبر من العاطلين في البلدين تم استيعابهم في القطاع العام، إلا أن التقدم الذي أحرز في هذا الجانب لا يمكن إغفاله، وذلك رغم الضغوط الإضافية التي شكلها على ميزانية الدولتين، مما يقلص من إمكانية قدرات القطاع الحكومي على استيعاب الإعداد المتزايدة من الباحثين عن عمل في المستقبل. من هنا تأتي أهمية برنامج التنمية الخليجي والذي يشكل أهمية استثنائية ليس لعمان والبحرين فحسب، وإنما للدول الست مجتمعة، حيث يمكن تحديد رأسمال البرنامج بخمسين مليار دولار في الوقت الحاضر، على أن يرتفع إلى 100 مليار خلال السنوات الخمس القادمة، مما سيوفر قدرات كبيرة لتنمية خليجية سيكون لها اثر فعال في تنويع مصادر الدخل في دول المجلس. وحقيقة، فإنه لا تتوافر فرصة أفضل من الفرصة الحالي لتحويل هذا المشروع إلى صندوق دائم وتزويده بالموارد المالية اللازمة، فأسعار النفط استقرت فوق 100 دولار للبرميل وعائداته مرتفعة، كما أن الموازنات الخليجية في أفضل حالاتها وتحقق فوائض كبيرة تجاوزت 50 مليار دولار في العام الماضي، وربما تتجاوز هذا المبلغ في العام الجاري وفق صحيفة مصر الإمارات الصناعي، مما يوفر كافة الإمكانات والظروف لنجاح هذا التوجه التنموي الحيوي للمجموعة الخليجية. وإلى ذلك تتبلور حاليا بنية تحتية خليجية مشتركة، كالربط الكهربائي والقطار الخليجي والاتحاد الجمركي والسوق المشتركة وإمكانية البحث في شبكة خليجية للغاز، مما يضيف دعما حقيقيا لهذا التوجه ويساهم في تعميم فوائده لتشمل البلدان الستة الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. إن مشروع بهذا الحجم وهذه الأهمية لا بد وان يحتل أولويات سلم التعاون الاقتصادي الخليجي، وذلك لما له من أهمية لاستقرار ونمو الاقتصادات الخليجية.