13 سبتمبر 2025

تسجيل

المخاطر القانونية لأغرب تجارة وهمية!

20 فبراير 2020

في العصور القديمة والوسطى، ازدهرت التجارة الصامتة المرئية ومثالها أن يلتقي بائع ومشترٍ لا يفهمان لغة بعضهما البعض في الغابة فيتبادلان تيس جبلي مقابل خلية عسل ويتم إبرام الصفقة بصمت ودون أي ضجيج، في العصر الحديث ازدهرت التجارة الناطقة المرئية ومثالها أن يلتقي بائع ومشترٍ يفهمان لغة بعضهما في السوق ويتبادلان سلعة أو خدمة مقابل ثمن نقدي ويتم إبرام الصفقة بعد صيحات ومساومات، في العصر الحديث جداً جداً، انتشرت التجارة الصامتة جداً جداً غير المرئية، ومثالها ألا يلتقي البائع والمشتري أبداً بل يتم البيع والشراء ودفع الثمن عبر الإنترنت بلا مساومات ولا نقاشات ولا يحزنون ثم يتم تسليم المبيع أو تقديم الخدمة بواسطة شركة توصيل وكان الله يحب المحسنين، والتجارة سواء أكانت صامتة أو ناطقة أو صامتة جداً جداً، قد تكون مشروعة مثل بيع الخضراوات والسيارات وقد تكون غير مشروعة مثل بيع المخدرات وبيع البشر (الاتجار بالبشر)، وكل أنواع هذه التجارات معروفة لكل من هبّ ودبّ، إذن أين هذه الغرابة التجارية التي تقف على رأس هذا المقال، حسناً، إنها تجارة الإعجابات (اللايكات) وتجارة عدم الإعجابات (الدسلايكات) التي يمكنها أن تنال لقب أغرب تجارة في العالم بلا منازع! مثال لتجارة الإعجابات وعدم الإعجابات والتي قد تكون ناطقة أو صامتة جداً جداً، يطلب مشترٍ (شخص أو شركة أو دولة) من بائع (شخص أو شركة تبيع إعجابات أو عدم إعجابات وهمية) شراء "إعجابات" وهمية للصور والمنشورات والفيديوهات التي يملكها على مواقع التواصل الاجتماعي وعدم "إعجابات" لصور ومنشورات وفيديوهات يملكها منافسه بعد دفع الثمن ومن ثم يقوم نقار الكيبورد بالنقر على الآلاف الإعجابات الزائفة لصالح المشتري والآلاف عدم الإعجابات الوهمية ضد منافسه ومن ثم يشق المشتري المحتال طريقه إلى النجاح السياسي أو النجاح الاقتصادي ويحظى بشهرة شعبية واسعة بقوة الإعجابات وعدم الإعجابات الوهمية دون أن يبذل أي جهد حقيقي من أجل الوصول إلى الشهرة التي يكافح الجميع من أجل الحصول عليها! من المؤكد أن التلاعب بالإعجابات وعدم الإعجابات لا يشكل مصدر إزعاج فحسب وإنما يحدث أضراراً مالية ومعنوية بالغة بكل شخص طبيعي أو اعتباري يعمل في مجال الاقتصاد، السياسة، الفن، الرياضة، الإعلام أو أي مجال آخر إذا تم استهدافه بعدم الإعجابات الوهمية! أما من الناحية القانونية البحتة، فهناك وسائل قانونية فعالة تؤدي إلى إزالة أو تخفيض مخاطر تجارة الإعجابات أو عدم الإعجابات الوهمية إلى الحد الأدنى، فيمكن للمتضرر من الإعجابات أو عدم الإعجابات الوهمية أن يرفع دعوى تعويض عن الضرر ضد مشتريها وبائعها وناشرها إذا أثبت وجود الفعل الضار، الضرر التي لحق به وعلاقة السببية بين الفعل الضار والضرر أي أن يثبت المتضرر أمام المحكمة المختصة أن الفعل الضار، وهو شراء وبيع ونشر الإعجابات أو عدم الإعجابات الوهمية من قبل البائع والمشتري، قد سبب الضرر المادي أو المعنوي الذي لحق به بشكل مباشر ومن ثم يستطيع الفوز بحكم قضائي يلزم مشتري وبائع الإعجابات أو عدم الإعجابات الزائفة بجبر الضرر الذي لحق بالمتضرر عن طريق التعويض المالي العادل وعندها فقط يمكننا أن نقول لكل من بائع ومشتري الإعجابات وعدم الإعجابات الوهمية: وقعت يا فصيح فلا تصيح!!