14 سبتمبر 2025
تسجيلهناك حرب عالمية صامتة تدور الآن، وقد اتسع نطاقها بعد زيادة حجم التجارة الالكترونية، إنها الحرب العالمية السيبرانية بين لصوص الانترنت أو الهاكرز وأصحاب المصالح المالية، وحجم المخاطر العالمية للقرصنة الالكترونية أكبر بكثير من كل مخاطر الكوارث الطبيعية والحروب التقليدية، فهجمات الهاكرز على الحسابات المصرفية الحكومية والخاصة تتزايد بسرعة وقدرت خسائرها في عام 2017 بأكثر من 600 مليار دولار وهذا الرقم مرشح لبلوغ ثلاثة تريليونات دولار بحلول عام 2020، علماً بأن خبراء تقنية المعلومات يؤكدون أن ضمان أمن الشبكة المرتبطة بالانترنت بنسبة 100% أمر مستحيل، فمثلاً تمكن الهاكرز مؤخراً من استخدام فيروس (آي لفايو) أو (أنا أحبك) واخترقوا العديد من المواقع العالمية واستولوا على عدة مليارات من الدولارات! كما اخترق القراصنة البورصات الأمريكية في عام 2016، ووصلوا للبيانات الشخصية لآلاف العملاء وأجروا بعض الصفقات المربحة وحولوا أرباحها لحساباتهم بل إن مخاطر القرصنة الالكترونية قد تبلغ أقصى درجات الخطورة فيمكن للفيروسات الالكترونية تدمير المفاعلات النووية وتدمير السدود المائية، ولذلك فإن مكافحة القرصنة الالكترونية تكتسب أهمية دولية عظمى. تتطلب مكافحة القرصنة الالكترونية تحديثاً مستمراً، فمقابل كل نظام حماية الكتروني متطور، يستخدم القراصنة أجهزة أكثر تطوراً ويعثرون على الثغرات الأمنية حتى في الدول المتطورة تقنياً ومن ثم تظهر الفجوة التقنية التي يتوجب سدها عبر التطوير المستمر لأجهزة الحماية الالكترونية، ففي عام 2016 تمكن طالب ثانوي أمريكي يُدعى ديفيد من اختراق شبكة وزارة الدفاع الأمريكية لكنه لم يعاقب بل أشاد به وزير الدفاع لأنه بادر باكتشاف ثغرة أمنية قبل أن يكتشفها أعداء الولايات المتحدة! كذلك فقد تحدث فجوة تشريعية في قوانين مكافحة القرصنة بسبب ظهور جرائم الكترونية حديثة الأمر الذي يستوجب سد الفجوة التشريعية عبر استحداث جرائم وعقوبات حديثة لأنه لا جريمة ولا عقاب بغير نص قانوني سابق كما يجب تفعيل دور الانتربول فلا يُمكن محاربة الجرائم الالكترونية العابرة للقارات إلا عبر التنسيق الدولي، أما الحل الذي يخفض مخاطر القرصنة للحد الأدنى فهو تبني السياسة الامنية الداخلية أو البروتوكول الأمني، توطين التكنولوجيا لضمان عدم وقوع كلمات السر في أيدي الشركات الأجنبية، استخدام حلول أمن الشبكات مثل الشرطي الالكتروني، استخدام حوائط النار، أنظمة تعقب التسلل، والبرمجيات المضادة للفيروسات، ويجب دائماً عدم فتح أي رسالة إلكترونية مجهولة المصدر وحذفها على الفور، وضع الرقم السري بصورة معقدة لتصعيب عمليات التسلل، وعدم قبول أي إعلانات إلا بعد التأكد من مصداقيتها. خلال الفترة ما بين 29 أكتوبر و1 نوفمبر 2019م، وفي مركز قطر الوطني للمؤتمرات، استضافت دولة قطر قمة الأمن السيبراني التابعة لمؤتمر ميونيخ للأمن، والتقى في القمة ممثلون رفيعو المستوى من الحكومات والمؤسسات والشركات الدولية، وبالتزامن مع القمة، افتتح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، معرض قطر لتكنولوجيا المعلومات (كيتكوم 2019) الذي نظمته وزارة المواصلات والاتصالات تحت شعار "مدن آمنة وذكية" وقد رحب حضرة صاحب السمو بالمشاركين في كيتكوم 2019 م واجتماع ميونيخ وأكد أهمية الحاجة لسد الفجوة التقنية والتشريعية في الأمن السيبراني من أجل تحقيق السلام والأمن العالميين. أخيراً، يُمكن القول إن قمة الدوحة للأمن السيبراني قد نجحت في إبراز أهمية التنسيق الدولي لمكافحة مخاطر الجرائم الالكترونية وإبراز مخاطر الفجوات التقنية والتشريعية ونجحت في تقديم التوصيات اللازمة لتخفيض مخاطر الجرائم الالكترونية للحد الأدنى حتى يتحقق الأمن والسلام في العالم ويُحال معظم المجرمين الالكترونيين إلى التقاعد المبكر بقوة الأمر الواقع!.