18 سبتمبر 2025

تسجيل

خدمة الأوطان وحماية المجتمعات

20 فبراير 2020

خدمة الأوطان وحمايتها وصيانتها من أهم الواجبات.. واجب مقدس وعمل جليل وسلوك نبيل.. بالأقوال والأفعال والإنجازات.. لكنّ الأقوال وحدها لا تكفي بل تصبح فارغة من المضمون إن لم تتحول إلى واقع وإنجازات يراها الناس ويلمسونها بأيديهم.. كثيرن يتغنون ويرددون الأشعار والأغاني والمديح في حب الوطن.. لكن قليلين جدا من يحولون تلك الأشعار إلى أفعال وبدائل ومنارات تمشي على الأرض..لا يشفع الانتساب للوطن بالأمنيات والتمنيات والأحلام الوردية.. ما يشفع هو صيانة شرف وعزة الوطن بالأعمال الجليلة.. فمحاربة الفقر وطنية سامقة.. ومعالجة معضلة الأمية والتعليم الرديء وطنية راقية.. وإقامة اقتصادات ناجحة وناجعة.. صانعة للثروة تدفع العوز والبطالة عن الناس وطنية حقّة أيضا.. وإشاعة التكافل والتعاون والحب والوحدة واللحمة بين أفراد الأمّة الواحدة أرقى وأسمى الرُتب في حب الوطن والولاء له. إنّ حماية الأوطان واجب الجميع.. بالكلمة.. وبالعمل.. وبالحكمة.. وبالجيش وبالشرطة وبالمؤسسات.. والهيئات الرسمية وغير الرسمية.. بالسياسة وبالتوافق والحوار.. بإشاعة الحرية والكرامة والعيش الكريم للجميع دون استثناء وفي ظل دولة الحق والقانون.. وبالحق في الكلمة وإبداء الرأي والاعتراض والرفض أحيانا.. لا تناقض بين الحرية والأمن.. بل إشاعة الحريات العامة والخاصة دليل نضج ووعي.. ولا يستقيم أن يُقايض الأمن بالحرية والكرامة.. ولم يحدث هذا في أي بقعة من العالم الأول..لأن الأمن حق والحرية والكرامة والعدالة حقوق أيضا وجب الإيمان بها ولا تُجزأ.. ولا يمكن أن نؤمن ببعضها ونكفر بالبعض الآخر. لا يدمر المجتمعات سوى الأنانيات الضيقة والتفكير الأحادي ونشر الأحقاد والشروخات والانتقامات ونشر العصبيات والفرق المتناحرة.. هذه النبتة الخبيثة وهذا التدمير الداخلي الممنهج الذي تنخرط فيه وسائل الإعلام وبعض النخب الثقافية والسياسية يخلف آثارا وخيمة على لحمة المجتمع دون أن ينتبه له أحد أو يتمكن من وقف نزيفه.. إنّه حائل دون تحقيق الوحدة والتكامل والتضامن بين أبناء الوطن الواحد.. إنّه أكبر حائل دون استكمال البناء الوطني الذي لا يُكتمل دون تضافر كل فئات المجتمع ورموزه وقادته ونخبه بكافة تنوعاتها واختلافاتها.. وهل بنت المجتمعات الناضجة نفسها وحققت تكاملها دون تجميع لعوامل الوحدة والمصير المشترك.. وهل تماسكت مجتمعات العالم الأول دون تنمية الإحساس الوطني بالمستقبل المشترك والعدو المشترك.. ولولا تلك العوامل ما وصلت إليه من علوم ونهضة ورفاهية وتقدم وازدهار متزايد تداعت له كل الفئات الفكرية والعلمية والثقافية والاقتصادية والرياضية.. فهل تتوقف يوما في أوطاننا تلك الحروب الداخلية الطاحنة والتناحرات والتفككات الفارغة التي تستنزف التفكير والطاقة وتقتل الأمل والطموح والنظر نحو المستقبل.