17 سبتمبر 2025

تسجيل

غزّة الكاشفة

18 نوفمبر 2023

تشاء الأقدار أن تتحول غزّة، تلك المساحة الصغيرة من فلسطين الكبرى إلى نقطة تحوّل في العالم أجمع سياسيا ودبلوماسيا، أمنيا واقتصاديا، رسميا وشعبيا، وتشاء الأقدار أيضا أن يتحول حدث في منطقة صغيرة من العالم إلى درس تاريخي يتعلم منه العالم، شعوبا وحكاما، وإلى عبرة وعلامة كونية فارقة لها ما بعدها. إنّ ما حدث في حرب غزّة اليوم، يُعَدّ معجزة على صعيد صناعة الحدث أو القدرة على قلب الحدث لصالح قِوى المقاومة، فغزّة المقاوِمة أضحت تكبر ككرة الثلج يوما بعد يوم، فلا يكاد يمضي يوم إلا وتحققت أهداف وانكشفت خبايا وتعرت نوايا وأفتحت أسرار وسقطت أقنعة. ليس خافيا على أحد أنّ نقطة التحوّل أو الانعطاف الكبرى هي هذا الارتباك الدولي الحاصل والمواقف المتناقضة لكبار قادة الدول الكبرى، وحرب التصريحات والتصحيحات والتراجعات في مواقف القِوى العظمى، وليس خافيا أيضا الوجوه المتوترة والوجلة والمرتبكة مما هوّ حاصل من عار على جبين العالم من جراء حرب الإبادة والتقتيل الجماعي للمدنيين والقصف المتعمد للأطفال والمستشفيات وسيارات الإسعاف والطواقم الطبيّة، حرب قذرة عرّت وفضحت كل شيء أمام أنظار شعوب العالم. لقد انكشفت المواقف وسقطت الأقنعة الكاذبة، وذاب جليد تلك المبادئ المُقَنعة والمزخرفة عن حقوق الإنسان والكرامة والعدالة والمساواة والقانون الدولي المزعوم وإلى ما هنالك من أغان طال التغني بها في المجالس والأوراق والمؤتمرات فأصبحت في مهب الريح، فبرز النفاق وازدواجية المعايير، وسقط ستار الأكاذيب، فغزّة اليوم أضحت كاشفة لكل النوايا والخبايا والأسرار العابرة للقارات والدول وفي الغد القريب المزيد والمزيد.