13 سبتمبر 2025

تسجيل

النموذج اللبناني في العراق!

20 فبراير 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عبثا يحاول رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي التحكم في رتم السياسة الداخلية التي توجه الحرب ضد داعش في العراق، فالاستعانة بما يسمى بقوات الحشد الشعبي لإلحاق هزيمة بداعش ستخلق ديناميكية جديدة في السياسة الداخلية العراقية من شأنها أن تشكل تحديا جديدا ينذر بإيجاد نسخة لبنانية في العراق، أي أن تتحول الحكومة العراقية إلى حكومة ضعيفة على النمط اللبناني تعيش تحت رحمة ونزوات مليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران.فبعد الهزيمة المذلة للجيش العراقي على يد قوات داعش قبل أشهر قليلة ماضية وبعد تراجع معنويات ما تبقى من الجيش واستبطان الجميع بأنه ليس بوسع الجيش الصمود أمام (ناهيك عن الانتصار على) داعش، قررت الحكومة وبفتوى من آية الله علي السيستاني الاستعانة بمليشيات بلغ تعدداها 43 مليشيا تهيمن إيران على 39 منها، وقد تجاوز تعداد قوات الحشد الشعبي 100 ألف بينما عدد الجيش العراقي هو 48 ألفا.ولعل قوات بدر التي تدين بالولاء المطلق لطهران هي أهم هذه التنظيمات، وبالفعل استطاعت قوات بدر شن هجوم فعّال على ديالي ما عزز من مكانة هذه القوات كقوة مهيمنة على مناطق واسعة تمتد من جنوب العراق إلى كركوك في الشمال، ومن شأن انتصار هذه القوات ومن على شاكلتها على داعش تعزيز الهيمنة الإيرانية على العراق وسيدفع العراق بالكامل لينزلق في المدار الإيراني، وهو أمر ربما على الولايات المتحدة أن تنتبه إليه وهي تقدم الغطاء الجوي لهذه الجماعات، فهذه الجماعات مثل عصائب أهل الحق كانت قد استهدفت القوات الأمريكية قبل عام 2011 وهي ستنقلب على أمريكا في المستقبل. الراهن أن هزيمة داعش عسكريا ممكنة في العراق لكن الولايات المتحدة تخاطر بأن تخسر العراق بالكامل لإيران في هذه العملية كما يقول مايكل نايت من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، فهذه المليشيات الموالية لإيران ستقوض من إستراتيجية الولايات المتحدة المتعلقة بدعم الحكومة المركزية وإعادة بناء الجيش العراقي ودعم فكرة المصالحة السياسية والعملية السياسية التي تشمل ولا تقصي العرب السنة في العراق.وبهذا يمكن القول إن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي (الذي جاء ليقدم أنموذج مختلف عن سلفه المالكي والذي تعهد بتشكيل حكومة مركزية لا تقصي أحدا) سيعاني الأمرين في حال تحقق الانتصار النهائي على داعش، فما من شك أن المليشيات المنتشية ستكون بمثابة الخطر الجديد بعد داعش على العراق، فلن يتمكن حيدر العبادي من إعادة بناء جيش له هيبته وقوته دون التخلص من المليشيات ما يعني أن صداما قادما ربما سيكون حتميا مع هذه المليشيات، أو السلوك على نمط الحكومة اللبنانية مع حزب الله، ففي لبنان لا تجرؤ الحكومة اللبنانية أو حتى الجيش اللبناني الاصطدام بحزب الله لأن قوات الحزب أصبحت أقوى بكثير من الحكومة الجيش لدرجة أن البعض يتندر ويقول إن الجيش اللبناني هو ثاني أقوى جيش في لبنان! ففي الحالة العراقية سيجد حيدر العبادي أو من يخلفه في قادم الأيام صعوبة في التحكم في العملية السياسية في ظل وجود مليشيات أقوى من أي مؤسسة وهذا بدوره سيهدد من سيادة القانون نفسه. وربما ستلجأ الحكومة في هذه الحالة إلى دمج المليشيات بالجيش العراقي وما يمثل هذا من خطر على مهنية الجيش وحرفيته، فهذه المليشيات تدين بالولاء لإيران واحترفت عدم احترام القانون أو لنقل فرض ما تريد رغم القانون، وهذا بدوره سيجعل من تشكيل جيش عراقي غير مخترق من الخارج أمرا بعيد المنال.الأدهى أن الولايات المتحدة التي تصر على أنها لا تنسق مع إيران أو مع النظام السوري لقتال داعش تقدم دعما جويا لمليشيات يستفيد منه مليشيات شيعية موالية لإيران لقتال داعش وهي بذلك تقيم تحالفا تكتيكيا غير مكتوب مع هذه المليشيات، فإدارة أوباما تتغاضى عن هذه المليشيات حتى لا تعطيها شرعية لكنها لا تمتلك خطة للتعامل معها بعد إلحاق هزيمة بتنظيم داعش. صحيح أن هذه المليشيات هي محلية ومختلفة عن داعش لكنها لن تكون عنصر إيجابي لخلق شروط المصالحة السياسية لدمج السنة في العملية السياسية ما يعني أن ظروف التطرف ستستمر حتى لو هُزمت داعش في المستقبل المنظور. وبالفعل ارتكبت بعض المليشيات الشيعية تجاوزات وانتهاكات وقامت بقتل واعتقال بعض السنة ما يعني أن التوتر الطائفي سيكون هو عنوان المرحلة المقبلة إن لم يكبح جماح هذه المليشيات.نظرة سريعة لما تكتبه الصحافة الأمريكية تكشف أن إدارة الرئيس أوباما ليست مغيبة تماما عما يجري، فهي تعرف أن إيران وميلشياتها في العراق هي المستفيدة الأكبر في هذه المرحلة، وبهذا المعنى يمكن القول إن واشنطن متواطئة تكتيكيا ولا نعرف كيف ستتصرف عندما تضع إيران كل هذه الأوراق على طاولة المفاوضات الأهم إيرانيا. والأخطر في الموضوع برمته هو أن تستنسخ العراق التجربة اللبنانية بشكل يمكن إيران من توظيف هذه المليشيات في نزاعات إقليمية أخرى كما توظف الآن حزب الله في معركة الدفاع عن نظام الأسد المتهالك.