02 نوفمبر 2025

تسجيل

لا تسبوا الدهر

20 فبراير 2014

إن من حسن أخلاق المسلم وفضائل شيمه وحسن قيمه وآدابه أنه يحفظ لسانه من الزلل ويصونه من المعصية ,فلا ينطق إلا بخير ولا يتلفظ إلا بصلاح وطاعة يستحضر في كل لحظة منطق الحق ويعرف أن العبد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ، ويعلم أن الله أمر عباده يقولوا التي هي أحسن ،ولكنك ترى معي كيف انتشرت بيننا آفات اللسان ومعاصي الكلام, وتعاظم في أوساط الناس السب والشتم وبذاءة اللسان, ولم يتورع الناس حتى عن سب الدين أو سب الحياة والدهر لأتفه الأسباب وكأنهم لا يحاسَبون على ما يقولون, ولا يعذَّبون في النار بما ينطقون وقد أخطأوا الفهم وأساءوا التدبير وهو عين التفريط والتقصير, وقد بين لنا الهدي النبوي أن سبب تعذيب الناس يوم القيامة هو ما تحصده ألسنتهم وتلوكه أفواههم من المعاصي والآثام، لذا قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: كف عليك هذا فقال :يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال :ثكلتك أمك يا معاذ ,وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم, فالمرء ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم سبعين خريفا, فمن كف لسانه ستر الله عورته. إن الحق سبحانه وتعالى بحكمته ورحمته خلق الليل والنهار والشمس والقمر والظلمات والنور والحر والبرد والشتاء والصيف لحكم عظيمة ومنافع جسيمة ,فهذه المخلوقات من آياته ودلائل قدرته وعظمته وتوحيده، فيها مصالح للعباد في ليلهم ونهارهم في أمور دينهم ودنياهم, فتأمل في هذا الفلكالدوار بشمسه وقمره، ونجومه وبروجه، وكيف يدور على هذا العالم هذا الدوران الدائم على هذا النحو والترتيب والنظام وما في ذلك من اختلاف الليل والنهار والفصول والحر والبرد وما فيه من مصالح لشتى أنواع الحيوان والنبات ,فكل ذلك من العناية والحكمة والرحمة والإحسان من رب البرية فلله الحمد والمنة, فلقد خلق الله عز وجل الإنسان مزودا بقدرات وطاقات متعددة كامنة في داخله ،وللأسف الشديد لم يكتشف كثير منا هذه القدرات والطاقات فتضيع أعمارنا سدى وإذا بنا نتحرك في هذه الحياة بقدرات بسيطة وطاقات مهدرة ،لا نملك إلا الأماني والأحلام والحسرات على ما فاتنا من هذه لحياة,لذلك كان لابد من التغيير حتى نجد لحياتنا معنى نعمر من خلاله الأرض كما أمرنا الله عزوجل بذلك،ونشعر فيها بمتعة الحياة ولذتها،فإن التغيير ضرورة تفرضها طبيعة حياتنا حتى نحس بكياننا ووجودنا أما إذا استسلمنا لحياتنا اليومية دون تغيير؛ فإن عقولنا وطاقاتنا وكياننا وإحساسنا بكل شيء يتوقف ولا نشعر بمعنى الحياة وكفاحها،لأن لسان حالنا يقول اليوم مثل الأمس ، فمن هنا كان التغيير ضرورة تفرضها طبيعة حياتنا المتغيرة لمتسارعة,فنقطة البداية تبدأ من الإنسان نفسه ، وحتى تتم عملية التغيير لابد لها من قوانين تحكمها وتسيرها بثبات ومرونة،ومن أهمها الاستعانة بالله تعالى وحسن التوكل عليه ولا يمس هذا التغيير أسس الإسلام وعراه الثابتة والحرص على رسوخ العقيدة الصحيحة والسير وفق قيم الإسلام وآدابه. فمن هدي ديننا الحنيف أنه لا يحل للإنسان إذا ضاقت به الحياة أن يشتم الحياة فمن حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( قال الله عز وجل يؤذيني ابن آدم فيسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار) رواه البخاري ,وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن سب الحياة والزمن فقال :لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر, أي هو المصرف للدهر وعلى الإنسان إذا ابتلي ببلية أن يصبر ويحتسب فإن الله أمر بالصبر,ولكن للأسف الشديد أن كثيرا من المسلمين يلومون عشرات الأطراف و ولا يفكرون أن يلوموا أنفسهم أبدا فكل مشكلة في حياتنا نعزوها إلى غيرنا، فيجب أن نعزو كل مشكلاتنا إلى أنفسنا لأن الله موجود، وليعلم الإنسان أنه ما من مصيبة إلا في الدنيا أعظم منها ، فإذا علم ذلك هانت عليه مصيبته, فالمجتمعات البشرية تحتاج إلى عناصر أساسية تقوم عليها حياتها ويستقيم بها أمرها وترتكز عليها عجلة الزمن وحركة التاريخ في دورانها, فإذا غاب عنصر ما من هذه العناصر اختل التوازن في المجتمع واضطربت أمور العيشة, فلا يجد الفرد مأمنا يركن إليه ولا مستقبلا يسعى له ولا هوية يعرف بها ,فالمسلم الحق هو الذي يرتع في بساتين الطاعات ويسرح في ميادين العبادات وينزه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه يصلح بها دينه ودنياه بما يسر الله فيه من الصبر والإرادة بما يستطيع أن يؤدي عمله بهمة ونشاط وليعلم أن الناس يعيبون زماننا والعيب في كثير منا وليس لزماننا عيب سوانا.