11 سبتمبر 2025
تسجيلوكما نسمع قصصاً كثيرة عن بر الوالدين فإن هناك قصصاً يندى لها الجبين تعكس عدم البر بهما، ولا ندري لماذا تقسو بعض القلوب وتتخلى عن مسؤولية من أنجب وربى وزوج بكل سهولة؟! سأروي لكم قصتين: قصة قديمة قليلاً وأخرى حدثت قريباً.قبل عدة سنوات كنت وابني بالمستشفى وأثناء نومه كنت أنظر من شباك الغرفة لحديقة المستشفى التي ينزل لها صباحا كبار السن المنومين هناك. فرأيت خادمة من شرق آسيا تدفع بعربة سيدة مواطنة حتى استقرت بها وسط الحديقة، فجذبت أطراف "شيلتها" وأنزلت يد العجوز بقوة، ثم ذهبت عنها لتجلس مع خادمة أخرى جاءت بعجوز أيضاً. قليلاً قامت الخادمة وأدارت ظهر الكرسي عنها وأخرجت لها بفك (ربيان) وعصير (بونص) ووضعتهما بيديها فلما سقط العصير من يد العجوز، هزت يد العجوز أكثر من مرة وبوجه غاضب تكلمها، لا أسمع ما تقول فقط أرى فعلها وتقلب وجهها. أحسست بضيقة هنا، فجلستُ أنظر ماذا ستفعل؟ واستدعيت الممرضة لتكون شاهداً ثانيا) فأخذت العصير عن العجوز ووضعت البفك (ربيان) بإحدى يديها ثم سحبت اليد الأخرى لتدخلها بالبفك ثم دفعتها بقوة لفمها، فتركتها وذهبت للجلوس، ثم عادت لتشربها العصير مرة واحدة لم تترك لها مجالاً للتنفس، هنا طلبت استدعاء أحد من الإدارة، وقدمت شكوى ضد ما رأيت، حزنت على حالها وبكيت. علمت بعدها أنها والدة موظف له ثقله يعمل في نفس المجال. بالرغم من أن هناك مرضى طريحي الفراش، لكن لم يتركهم أبناؤهم للمستشفى، ووفروا لهم بالبيت الممرضين والأسرة وكل احتياجاتهم وكأن مريضهم بالمستشفى، لكن أن تترك مثلها وهي تستطيع الجلوس بخادمة في المستشفى أمر في قمة القسوة! وعدت الاختصاصية الاجتماعية وقتها مراقبة الخادمة. أهذا هو الحل؟ غداً سيترككم أبناؤكم.وهذه قصة عجوز تسكن بمفردها وحدها في فيلا من دورين وعندها من البنين والبنات الكثير وهي وحيدة ببيتها! تحكي صديقة أن لديها جارة عجوز طيبة تصل كل من "بالفريج". تقول وفجأة اكتشف عند زيارتي لها أنها بدون خادمة، فسألتها عن خادمتها لتجيب بأنها خافت منذ علمت أن خادمة قد قتلت "معزبتها" فأرسلتها، تقول فسألتها: "من يطبخ لج؟" فقالت: "أطلب غداي من المطعم"!! (تصدقون!؟). تقول: "فقلت لها لا ما تطلبين وكل يوم يوصلج غداج"، ثم أوصت خادمتها بإيصال غداء العجوز لبيتها كل يوم. وتكمل لتقول: وفي يوم يسألني جيراني المقابلون لي، أن هناك سيارات إسعاف وفزعة جاءت لبيت العجوز، تقول فأرسلت الخادمة لتدق الباب ولم تجد رداً فرجعت، ثم تخبرها خادمتها بأن أخر يوم كان من يومين، ذهبت بغدائها فإذا بها تغسل "الحوش" وترجف من البرد، فقالت لها الخادمة: "ماما انت في تعبان ليش يغسل هوش؟"، فردت عليها العجوز بأنها متعودة على ذلك، ثم ذهبت يومين متتالين لم تفتح لها الباب. تقول أُخيتنا فعلمتُ أنها بالطوارئ، فذهبت لزيارتها عدة مرات، وعندما سألتها في أول مرة "من جاج؟"، قالت العجوز: "حسيت بدوخة وكلمت ولدي"، لكن في الزيارة الثانية أخبرتها بأنها كلمت الفزعة! تقول أُخيتنا ولازال "ليت" غرفتها مفتوح لليوم. انظروا كيف قلب الأم؟! حاولت إخفاء عدم اهتمام أبنائها بها!أيعقل أن عجوزا تسكن في بيت بمفردها وحيدة؟ وأخرى أن يكون المستشفى سكنها؟ أهذا جزاء من ربى وتعب وشقي وسهر الليالي وفرح لنجاحهم ولزواجهم؟ أتشغل الحياة إنساناً عن أمه/أبيه. أنسيت كيف كانت تطعمك وتحملك وتسهر عليك إن مرضت؟ أنسيت عندما كانت تلاعبك وتنصحك خوفا عليك؟ ألا نصبر عليهم كما صبروا علينا؟ وهناك الكثير من القصص المحزنة.. جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: يا رسول الله من أحقّ الناس بحسن صحبتي؟ (يعني أتحمّل خطاه وشدّته، وأولى بالابتسامة والاهتمام والإحسان) فقال صلى الله عليه وسلم: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، ثم أبوك، ثم أدناك فأدناك.همسة في بر الوالدين:إن من العقوق هجر الوالدين وتركهما لغيرك يهتم بهما، اُترك الدنيا وما بها من أجلهما، ففي برهما وخدمتهما الجنة، وفي تركهما عقوق، وهي كبيرة من الكبائر وخسران بالدنيا قبل الآخرة.دمتم في حفظ الله ورعايته