12 سبتمبر 2025

تسجيل

"عباس" ينقذ يهودية إسرائيل

20 فبراير 2014

لا يكف رئيس السلطة الفلسطينية في رام الله محمود عباس، عن تفجير تصريحات مثيرة من حين لآخر، وآخر هذه القنابل تطوعه بتقديم حل لمسألة "الدولة اليهودية" التي يطالب بها الكيان الإسرائيلي، ففي لقائه مع 270 طالبا إسرائيليا في مقر المقاطعة، قال عباس: "في عام 1993 اعترف أبو عمار بدولة إسرائيل، ومنذ ذلك التاريخ كنا نقول دائماً: نحن نعترف بدولة إسرائيل، وإذا أرادت إسرائيل أن نعترف بيهودية الدولة فليذهبوا إلى الأمم المتحدة، وليطالبوا بقرار دولي وعند ذلك نحن سننصاع له".هذا التصريح يمنح الكيان الإسرائيلي مفتاحا لحل معضلة "يهودية إسرائيل"، وهو بهذا يقول بشكل ضمني: إنني لا أستطيع أن أعترف منفردا "بيهودية إسرائيل"، رغم أنه لا يعارض ذلك من حيث المبدأ، فهو إن فعل ذلك سيتعرض لحرب فلسطينية وعربية وإسلامية من الأطراف الرافضة للاعتراف بيهودية إسرائيل بل وعدم الاعتراف بوجودها من الأساس، وقد يتعرض إلى "حرب مزايدات" من بعض الأنظمة العربية، وحتى ولو كانت مزايدات إعلامية تخفي في باطنها القبول، وقد تؤدي هذه الحرب إلى الإطاحة به وبسلطته، أو على الأقل إحداث انشقاق فلسطيني داخلي لا يقوى على مواجهته، من قبل الرافضين لمثل هذه الخطوة، وللخروج من هذا الحل فإنه يقدم حلا مبتكرا رغم أنه قديم الصنعة.الحل الذي يقترحه أبو مازن هو أن تذهب "إسرائيل" إلى الأمم المتحدة، وتشغل آلتها الدعائية والإعلامية والسياسية لدفع "الراعي الأمريكي" لتبني هذه المسألة دوليا، وإقناع دول العالم، أو "إجبارها على الاقتناع بيهودية إسرائيل"، ثم حمل القضية إلى الأمم المتحدة واستصدار قرار ملزم يجبر دول العالم على الاعتراف بإسرائيل اليهودية، وعندها لن تجد الأنظمة العربية مفرا من الاعتراف بدورها، وهو سيرضى بذلك، وبهذا يحصل الإسرائيليون على دولة يهودية يعترف بها محمود عباس وسلطته وتجبر كل الدول العربية والإسلامية في العالم على الاعتراف بها من دون إثارة قلاقل أو مشاكل "كون هذا القرار قرارا دوليا".من المستغرب أن يتطوع "رئيس فلسطيني" للتفكير بحلول ليهودية الكيان الإسرائيلي، تخرج هذا الكيان من مأزقه، وأن يتعهد بعدم "إغراقه باللاجئين الفلسطينيين وبأنه لن يلجأ إلى العنف إذا فشلت المفاوضات"، وهي فاشلة فعلا، لكن المستغرب والمستهجن أكثر، هو لماذا لا يفكر "السيد عباس"، بإبداع حلول لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، ولماذا لم يتطوع لإنقاذ اللاجئين الفلسطينيين الذين يموتون جوعا في مخيم اليرموك، والفلسطينيين الذين يقصفون بالبراميل المتفجرة في مخيمات سوريا، واللاجئين الفلسطينيين الذين يسامون سوء العذاب في العراق ولبنان، واللاجئين الأردنيين المسجونين في معسكر "سايبر ستي" في الأردن، فهؤلاء اللاجئون الذين لا يريد "إغراق" الكيان الإسرائيلي بهم هم أصحاب الأرض والحق والشرعية حتى بموجب قرارات الأمم المتحدة.رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي يصر على مطالبة الفلسطينيين بالتنازل عن حق العودة إلى فلسطين، وأنه لن ينسحب من غور الأردن وأن المستوطنات ستبقى وتضم إلى كيانه وأنه لن يتنازل عن القدس التي ستبقى موحدة و "عاصمة أبدية لإسرائيل"، ولم يسجل عليه أنه تراجع عن أي شرط من شروطه أبدا، ورغم ذلك يقدم محمود عباس المزيد من التنازلات مقابل "لا شيء"، بل ويقدم حلا للكيان الإسرائيلي فيما يتعلق بالقدس بحيث تبقى مدينة مفتوحة "وعاصمة لدولتين".. وهذا أغرب اقتراح في التاريخ، بحيث يكون هناك عاصمة واحدة لدولتين، وهو شيء غير مسبوق ولم تعرفه البشرية، وغير قابل للتطبيق من الناحية العملية، لكن ما يخفيه اقتراح عباس هو "احتفاظ الكيان الإسرائيلي بالقدس والسيادة عليها"، مقابل منح الفلسطينيين "سلطة معنوية على المقدسات الإسلامية"، وتواجد في ضواحي القدس وتسويق ذلك على أنه القدس، مع إبقاء كل القدس تحت السيادة والسيطرة والحكم الإسرائيلي، بل وتحويلها إلى عاصمة للدولة اليهودية التي ستعلنها الأمم المتحدة، على أن تكون العاصمة الفلسطينية العتيدة في القدس تشبه إلى حد ما "الفاتيكان" في إيطاليا، تكون فيها السلطة والسيادة والأجواء للدولة الإيطالية، في حين لا يملك الفاتيكان أكثر من سلطة دينية وإدارية داخل "كيلومتر مربع".قد تبدو الفكرة مجنونة، لكن من يدرس "تاريخ المؤامرات" يعرف معنى الاقتراحات الخيالية.