11 سبتمبر 2025

تسجيل

تعليقا على مقال "في المسألة المصرية-الأمريكية"

20 فبراير 2012

تلقيت من الأستاذ وليد الراشد أحد مؤسسي حركة السادس من أبريل المصرية والتي شكلت إلى جانب كيانات أخرى أحد المرتكزات المهمة والحيوية في إنجاز ثورة الخامس والعشرين من يناير مقالا مهما يعلق فيه على مقالي الذي نشر في هذه الزاوية الاثنين الماضي بعنوان "في المسألة المصرية الأمريكية "ولأنه يحتوي على رؤية أخرى رأيت نشر بعض من محتوياته إيمانا بمنظور الرأي والرأي الآخر خاصة أنه دارس للعلوم السياسية ويقوم بتحضير لأطروحة الماجستير فيها - كما أبلغني في رسالته الإلكترونية - فليشاركني القارئ المحترم في قراءة أهم ما في هذا التعليق نظرا لمقتضيات المساحة. يقول وليد: لا الذي رفض ديمقراطية العالم حين صوتوا لصالح عضوية كاملة لفلسطين في اليونسكو وعلى أساسها عاقب دول العالم الفقيرة بوقف تمويله مشروعات اليونسكو الإنسانية يشجع حقوق الإنسان ويدعم الديمقراطية.... ولا الذي يتلقى تمويلا سنويا معلنا منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد وقبل 30 عاما من أمريكا وقدرة 2.1 مليار دولار لمصر، (منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية) يخشى تدخلها في الشؤون الداخلية لمصر. فمن السذاجة بمكان أن تخيل لنفسك ولشعبك أن المساعدات والمعونات الاقتصادية التي تتلقاها ليست مرتبطة بقرارات ومواقفك السياسية لا الذي رفض ديمقراطية أتت بحماس على رأس السلطة في فلسطين يشجع الديمقراطية ويدعمها ولا الذي يتسول المساعدات الاقتصادية من البنك الدولي والدول الثماني العظمي ودول الخليج العربي يحق له أن يستخدم كلمات رنانة طال عليها الزمن وعفى من نوعية لن نركع ولن نستسلم ونرفض التدخل الاجنبي فلم تعد علاقات الدول ببعضها تقوم على غير المصالح المتبادلة والمشتركة. تعريف الديمقراطية في أعين الإدارة الأمريكية لخصها (دينيس روس) - الذي كان مبعوثا خاصا للسلام الشرق الأوسط – بقوله بعدما فازت حماس في الانتخابات الفلسطينية " من حق الناخبين (في الشرق الأوسط) أن يختاروا من يشاءون، ومن حقنا أن نتعامل مع من نشاء، فالانتخابات لا تصنع ديمقراطية، وليس علينا أن ندعم من يرفضون معتقداتنا " ديمقراطية أمريكا نعرفها نحن من تهديدها أناء الليل وأطراف النهار باستخدام الفيتو حال صوتت دول الأمم المتحدة لصالح عضوية كاملة لفلسطين في مجلسهم الموقر... فكيف لهم أن يتحدثوا عن دعم الديمقراطية؟ وهل يعني المجلس العسكري أن تدين دول أجنبية اعتداءات وحشية مصورة صوت وصورة لجنوده البواسل على مواطنين عزل أم يعني أن تتوقف بالأساس تلك الممارسات ولا تسمع شجبا ولا إدانة؟ لا الذي دعم ومازال يدعم أعتى الأنظمة الديكتاتورية والشمولية في العالم وآخرها نظام مبارك وبن علي وعلي عبد الله صالح وإلى آخر القائمة المفتوحة يشجع الديمقراطية وحقوق الإنسان ولا المجلس العسكري الذي يمتاز بعلاقات تاريخية مديدة وقوية مع الإدارة الأمريكية زينتها صور لقاء المشير طنطاوي مع رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة مارتن ديمبسي قبل أيام بالقاهرة تعكس مدى التقارب والود.. جاد في اتهامه لأمريكا بأنها تسعى لأعمال تخريبية في مصر. كلاهما ببساطة وبصراحة مطلقة محتال بامتياز ويخدع شعبه.. وكلاهما يريد لنا دائما أن نفهم غير الذي نرى وأن نصدق غير الذي نسمع. فعلى أمريكا أن تفهم وعلى المجلس العسكري أيضاً أن يفهم أنه ولد في مصر جيل جديد يفهم ويقرأ ويفكر ويحلل... يسمع ويرى... حقق ثورة حين كانت الإدارة الأمريكية ومعها المجلس العسكري يدعمان مبارك ويشجعانه على فساده وانتهاكه لأبسط معاني حقوق الإنسان إذا كانت أمريكا حقا تدعم الديمقراطية ويشغلها الإنسان وحقوقه في مصر فإنه يتعين عليها فورا وقف تصدير شحنات القنابل المسيلة للدموع التي خنقت وقتلت ومازالت تقتل المتظاهرين السلميين في مصر وغيرها من الدول. وإذا كان المجلس العسكري بحق يرى في تدخل أمريكا وزرعها منظمات مجتمع مدني يرى في أعمالها شبهات تصل إلى حد التجسس وتخريب البلد كما ينشرون في أبواق إعلامهم صباحا ومساء فهل هذه اتهامات تعالجها حوارات السياسة واللقاءات المشتركة والصور الودودة؟ ما هي قرارتك التي اتخذتها ضد أمريكا أيها المجلس الوطني العظيم؟ هل سحبت سفيرنا في واشنطن مثلا؟ هل استدعيت السفيرة الأمريكية في مصر لإبلاغها تهديد شديد اللهجة بانتهاك إدارتها لسيادة الدولة المصرية؟ هل مثلا حتى عدلت في قوانين منظمات المجتمع المدني داخليا وأعلنت أنه لا تمويل خارجيا بعد اليوم في مصر؟ الإجابة على كل الأسئلة (لاشيء) لم تفعل ولن تفعل شيئا. بل على العكس تماما فالسيدة فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي لا تكف عن ملء آذاننا بأن العلاقات المصرية الأمريكية استراتيجية وأن أزمة منظمات المجتمع المدني لن تؤثر على علاقات البلدين. نعم هناك أزمة وعدم ارتياح فاحت رائحته بين الإدارتين: المصرية والأمريكية.. لكن الأزمة الحالية المعلنة ما هي إلا غطاء يلعب من خلفه الطرفان سياسة. وستستمر الأزمة هكذا طالما لم يصرح الطرفان بماذا يريد كلاهما من الآخر وستستمر الأزمة طالما لبست أمريكا قناع دعم الديمقراطية ولبس أمامها المجلس العسكري قناع محاربة التدخل الأجنبي... وستنتهي الأزمة في أقرب فرصة وعلى حين فجأة ودون مقدمات أو سابق إنذار حين يأخذ كل طرف من الآخر من يريد... قد تنتهي اليوم أو ربما غدا... هي فقط مسألة وقت. أمريكا لا تستطيع أن تعيش أو تتنفس دون أن تزرع أنفها في كل شيء يدور حولها ظنا منها أن العالم يتآمر عليها وعليها حماية نفسها وما يعنيها الآن أن تضمن تعاونا وشكلا للعلاقة مع الإدارة المصرية الجديدة لا يختلف كثيرا عن إدارة مبارك. ولا المجلس العسكري يستطيع أن يعيش دون أن يرسم سيناريوهات ويطلق الفزاعات في أوجه المصريين من قبيل أن مصر مستهدفة وثمة مخططات لتقسيمها وكأننا تلك القطعة التي لا يفكر العالم في شيء غير التآمر عليها. فالمجلس العسكري أضاع على نفسه فرصة تاريخيه في مصر بسوء إدارته التي لم يسبق لها مثيل للفترة الانتقالية منذ رحيل مبارك انعكس مما أدى إلى انخفاض شعبيته لأدنى مستوياتها بدءا من (الجيش والشعب ايد واحدة) ووصلت الآن إلى (يسقط يسقط حكم العسكر) وقالوا قديما إن هاجمك معارضوك فاتهمهم بأنهم أصدقاء الأمريكان حتى وإن كنت أنت نفسك أشد أصدقاء الأمريكان. أسلوب قديم مكرر استهلك يوضح أنه لم يحدث أي تطور في عقول من يحكموننا وأن الفلسفة مازالت هي نفسها لكن هذه المرة يعتقد المجلس العسكري أنه الطرف الأقوى حاليا في هذه الأزمة ورأيي كذلك – فقد هزم الحليف الاستراتيجي لأمريكا شر هزيمة وعليه فالطبيعي أن تأتي أمريكا لخليفة مبارك لبناء شكل العلاقة الجديدة واعتقاده أيضا مفاده أن أمريكا لا يمكنها الاستغناء عن حليف استراتيجي قوي متمركز في أهم مناطق العالم (الشرق الأوسط) طالما دعمت علاقتها بة منذ 1973.... وهنا يعتقد الطرف الأقوى أن عليه أن يملي شروطه ويفرض حدود وشكل ونوع العلاقة الجديدة.. وهنا أيضا ذهب معظم المحللين السياسيين على أنه (ينبغي على أمريكا أن تفهم أن كنزها الاستراتيجي مبارك لم يعد على رأس السلطة في القاهرة وأن تغير من شكل علاقتها مع النظام الجديد بعد مبارك)... لكن هل المجلس العسكري هو النظام الجديد أو حتى النظام القادم في مصر؟ كلام المجلس نفسه يؤكد عكس ذلك فهو لن يكون في السلطة بعد يونيو القادم. وعليه فالمجلس العسكري سيضغط على الإدارة الأمريكية قدر استطاعته ليحقق أعلى مكاسب تحقق مصلحته وفي أقرب وقت باعتباره سيرحل في يونيو القادم. أول المكاسب حققها بالفعل داخليا من اكتسابه شعبية محلية بهجومه على أمريكا. وثانيها ستكون مكاسب في منطقة إدارته وعمله - أقصد العسكرية... قد تكون الحصول على صفقات أسلحة جديدة مثلا!! أو ورقة ضغط قد تأخذ شكل أجراء تعديلات في اتفاقية كامب ديفيد يسعى المجلس العسكري من خلالها لتعديل بعض البنود الخاصة بانتشار الجنود المصريين في سيناء؟ كلها بالتأكيد مكاسب. أو يسعى المجلس العسكري باستبدال المواطنين الأمريكان المعتقلين في مصر على ذمة قضية منظمات المجتمع المدني الغير شرعية مثلما انتهت علية قضية الجاسوس الإسرائيلي من أصل أمريكي آلان جراييل؟ لكن بمن تستبدلهم هذه المرة؟ قد يكون الشيخ عمر عبد الرحمن المعتقل حاليًا بالسجون الأمريكية والصادر في حقه حكما بالسجن مدى الحياة بتهمة التورط في تفجيرات نيويورك عام 1993... وهنا يتحقق مكسب جديد للإسلاميين الذين ينتمي لهم الشيخ عمر عبد الرحمن؟ يجوز... أو مقابل الحصول على عمر عفيفي المعارض المصري والحاصل على حق اللجوء السياسي في أمريكا والذي يرى فيه المجلس العسكري أحد أسباب إشعال الأزمات الأخيرة في مصر؟ ربما... جميعها مكاسب شعبية.