19 سبتمبر 2025
تسجيلالمتأمل وبدقة لما يطالب به المتظاهرون في بقاع كثيرة من عالمنا العربي سيجد أنها لا تخرج عما نادى به الإسلام السمح المستنير العظيم قبل أربعة عشر قرنا من الزمان من قيم العدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان والتوزيع العادل بين الأفراد لموارد البلاد ورفع الظلم والمظالم. وهذه المطالب تدفعنا إلى تساؤل عما يسمى باقتران الدين بالديمقراطية الذي يظن الكثيرون أنها قيم غربية رومانية قديمة في حين كانت الدولة الإسلامية الأولى التي حكمت الدنيا يوما ما مثالا واضحا على تحقيقها في الديمقراطية تحت مظلة الدين. وإذا كان هناك مَن ينفي وجود دولة الإسلام ويقول إن الحكومة مفهوم بشري وأرضي وإن رسالة الإسلام إنما هي هداية الإنسان إلى نعيم الآخرة وحسب. وكما يقول المفكرون الأكثر إدراكا لقيم الإسلام إن الإسلام يشرف على الحكومة وعلى الحياة من خلال القواعد العامة والأطر الكلية وأضيف من خلال ما تجذر في نفوس مَن يحكمون من قيم الدين الحنيف وما تربوا عليه منها اى ببساطة حتى لا نتوه مع المصطلحات إن الدين مثل الدم الذي يجرى في العروق حاملا معه مكونات كثيرة تساعد الإنسان على الحياة دون تدخل من الانسان في ضبط وتركيب تلك المكونات ولكنها دون أن يشعر تحدد صحته وعلاجه وقدرته وضعفه. ومن هنا يتضح لنا أن مَن يخرج من الحكام عن ذلك النهج السليم لا يكون خللا في الدين الرائع الذي ينتمي إليه وإنما الخلل يكون فيمَن انحرف عن النهج واشترى دنياه بآخرته ودمر وسرق مقدرات شعبه ومن ثم ثار عليه شعبه كما حدث في مصر وتونس مؤخرا. كذلك بعودة إلى علاقة الدين بالديمقراطية نرى أن إرادة الناس ورغبتهم ورضاهم عن الحاكم شرط أساسي لاستمرار الدولة وهذا أيضا ما تحقق ورأيناه ونراه الآن على ارض الواقع. إذن هي الحرية كلمة السر وراء الاستقرار والنجاح لأي مجتمع بشري وحتى نقترب أكثر من تلك الكلمة أعني بها حرية الفكر وحرية التعبير وحرية محاسبة المفسد وحرية أن يكون الناس هم مصدر شرعية الحكومة لأنها في الاخير تعمل من أجلهم ولهم. إننى والحق أقول، أرى ما يطالب به الآخرون محققا في وطني قبل سنوات وقبل الطوفان الذي يجتاح العالم العربي ولم يعد يجدي معه علاوة أو منحة أو مكرمة، فالذي عمل منذ توليه وأعني به سيدي حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، على فتح النوافذ على فضاءات الحرية وألغى الرقابة وسمح بالنقد واشهد أننى اكتب منذ سنوات تقترب من خمسة عشر عاما مقالا اسبوعيا لم يقصف لي قلم ولم تحذف لي كلمة. إن مجتمعا استمد من الإسلام روحه وجعلها قانون ودستور عمل هو مجتمع جدير بأن يقف آمنا صلبا قويا في وجه التقلبات والأعاصير التي تخيف الآخرين الآن ولم يعد الجنود والدروع منجية من غضب شعوب عانت كثيرا. إننا في قطر، ولله الحمد، قد سبقنا الكثيرين وأرسينا مبادئ الديمقراطية والعدالة عبر كل النوافذ الإعلامية والمنابر الحرة ولعل الجزيرة خير دليل على ذلك. كما أن صحفنا جميعها تتناول الشأن الداخلي والخارجي بكل حرية وتجرد تنتقد وتوجه وتصحح لا تخاف ولا تخشى شيئا ومعيارها فقط هو الولاء للقائد والزعيم والانتماء للوطن الغالي. وأخيرا هي كلمة حق أقولها إن في الإسلام الحق المستنير ما يبحثون عنه داخل غياهب الدساتير وان في تجربة قطر نموذجا يجب أن يحتذى به وهذا ليس كلامي وحسب وإنما هو كلام كل منصف عادل ودعاء من قلب كل محب " اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وارزق شعبه من الطيبات واحفظ أمن دولتنا "، اللهم آمين وسلامتكم. [email protected]