26 أكتوبر 2025

تسجيل

التوكل على الله جل جلاله (3-3)

20 يناير 2016

آخر مشواري في التوكل، سيكون قصصا من الحياة ومن سيرة الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم تجسد معنى التوكلالقصة الأولىقوله تعالى: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة/40.وهي تتحدث عن قصة لجوء النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى غار ثور، وذلك في رحلة الهجرة إلى المدينة المنورة.ولفهم المعنى الإجمالي للآية الكريمة ننقل كلام العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله حيث يقول: " أي: إلا تنصروا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم فاللّه غني عنكم، لا تضرونه شيئا، فقد نصره في أقل ما يكون (إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) من مكة لمَّا همُّوا بقتله، وسعوا في ذلك، وحرصوا أشد الحرص، فألجأوه إلى أن يخرج (ثَانِيَ اثْنَيْنِ) أي: هو وأبو بكر الصديق رضي اللّه عنه (إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ) أي: لمَّا هربا من مكة لجآ إلى غار ثور في أسفل مكة، فمكثا فيه ليبرد عنهما الطلب، فهما في تلك الحالة الحرجة الشديدة المشقة حين انتشر الأعداء من كل جانب يطلبونهما ليقتلوهما، فأنزل اللّه عليهما من نصره ما لا يخطر على البال (إِذْ يَقُولُ) النبي صلى الله عليه وسلم (لِصَاحِبِهِ) أبي بكر لمَّا حزن واشتد قلقه: (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) بمعونته ونصره وتأييده، (فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ) أي: الثبات والطمأنينة والسكون المثبتة للفؤاد، (وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا) وهي الملائكة الكرام الذين جعلهم اللّه حرسا له. احفظوا هذه الكلمة: إذا كان الله معك فمن عليك؟ يخدمك عدوك، وإذا كان الله عليك فمن معك؟القصة الثانيةكان هناك رجل فقير يعول العديد من الأبناء والبنات، وكان يعيش في بلد فقير وكان لا يملك إلا قوت يومه، وكانت أمنيته الوحيدة في الحياة هو الذهاب إلى رحلة حج لبيت الله الحرام. اهتم هذا الرجل كثيرا بتربية أولاده وتعليمهم وتهذيبهم وكان حريصا على أن يدخلهم إلى الجامعات للحصول على مؤهلات عليا، تساعدهم في حياتهم ولكن بقى الحج بالنسبة له الفرصة والهدف الأسمى.كان هذا الرجل يعمل كاتبا في احدى المصالح الحكومية في مدينته، وتقدم أحد الأفراد لخطبة ابنته، وكان يعد أموالا يجهزها من أجل الحج لكنه اضطر أن ينفق هذه الأموال على زفافها دون أن يخبرها بأن هذه هي أموال الحج، ولما اسحت ابنته ذهبت لتقدم له في حج القرعة المجانية التي تنظمها حكومة تلك البلاد سنويا وقبل موسم الحج بشهرين، كان الأب الكريم يجلس في منزله ويتناول وجبة الإفطار مع زوجته وأولاده، وقت الإفطار سمع أن هناك رسالة بريدية قادمة إلىه باسمه. فاستعجب في البداية من طبيعة من سيرسل إليه رسالة بريدية، لكنه توجه ناحية موظف البريد ليستفهم منه عن ذلك، وتبين أن اسمه جاء ضمن الفائزين في حج القرعة، ففرح فرحا كبيرا واجتمع بأبنائه وبناته ليخبرهم بأن توفيق الله تعالى والتوكل عليه هو سبب النجاح في الحياة وأن الإيمان بالله والتوكل عليه هما خير وسيلة لتحقيق المراد والهدف.