12 أكتوبر 2025

تسجيل

الإعدامات في العراق.. تاريخ من الدماء!!

20 يناير 2014

رفض رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي نداء أمين عام الأمم المتحدة "بان كي مون"، بتعليق حكم الإعدام تمهيدا لإلغائه نهائيا في العراق، هو أمر لا علاقة له أبداً بحالة الإرهاب السائدة في العراق، وهي حالة سببها الظلم المتوارث والتعسف في الأحكام وتنفيذ الإعدامات بطريقة جزافية، ووفقا للأهواء والمصالح والترتيبات التي يراد لها أن تسود في عراق يزحف على بطنه نحو خيارات كارثية، تسببت فيها الأحزاب الطائفية الفاشلة التي تتصرف سلطويا وفقا لعقلية وعقيدة انتقامية وليس استنادا للمسؤولية الدينية أو الأخلاقية أو الإنسانية. أحزاب العراق خلال مرحلة المعارضة ضد النظام السابق كانت تزأر بالشكوى المرة من أساليب ذلك النظام في تعميم وشيوع وتنفيذ عقوبة الإعدام لأتفه الأسباب والتهم، فعقوبة الإعدام في العراق أيام النظام السابق كانت من البديهيات التي عمقت الشروخ المجتمعية، وأنهت بالكامل أي صيغة من صيغ الحوار والتفاهم بين النظام والمعارضة وسدت كل أبواب ومسارب الوفاق الوطني حتى وصلت الأوضاع المحتقنة لخيارات مرة وسوداء، ما زال العراق يدفع أثمانها الباهظة حتى اليوم! ويبدو أن حكام الزمن الحالي لم يتعظوا أبداً من مثالب ومساوئ وأخطاء وخطايا حكام الماضي القريب، ولم يؤمنوا أبداً بسياسة إسدال الستار على الماضي أو بدء تنفيذ برنامج وطني واسع للمصالحة الوطنية (رغم وجود وزارة بهذا الاسم)! إذ لم يزل شعار: (يا لثارات قريش) منتصبا بقوة ومترسخا بعمق في الوجدان السلطوي العراقي!!؟ ولم تزل العقلية الانتقامية هي العملة السائدة للأسف رغم التعهدات السابقة التي سبقت مرحلة سقوط النظام عام 2003 والتي كانت تدعو صراحة لإلغاء عقوبة الإعدام واتباع سياسات ومقاربات قانونية جديدة ومختلفة رغم التحديات الأمنية الطارئة التي أعقبت انهيار النظام الشمولي بكل أعمدته السلطوية وأدواته السرية.. والتي هي عبارة عن منظمة مافيوزية سرية تعمل تحت الأرض بكفاءة واضحة!! السبب الرئيسي للانتكاسة السياسية ولعدم الالتزام بتعهدات الماضي القريب هو أن من يهيمن على القرار السياسي في العراق يخضع لمؤثرات ليست عراقية ولا تهمها المصلحة الوطنية بأي حال من الأحوال، بل تنتعش من الأوضاع المحتقنة والمتوترة والمبالغة والإسراف في تنفيذ أحكام الإعدام، إضافة لعمليات القتل والانتقام والاغتيال والتي وضعت العراق للأسف على قاطرة الحرب الأهلية المدمرة. لقد كان لموقف الرئيس العراقي (الغائب) جلال الطالباني، والقاضي بعدم التوقيع والمصادقة على تنفيذ أحكام الإعدام، دورا في تعطيل وتأخير عدد من تلكم الأحكام نظرا لالتزامه وحزبه بتعهدهم لمنظمة الاشتراكية الدولية، كما أن الطالباني رجل قانون أساسا ويعرف مغبة نتائج تلكم الممارسات، ولكن امتناع الرئيس عن التوقيع لم ينه مسلسل الإعدامات لكون نواب الرئيس هم على أهبة الاستعداد لتنفيذ المهمة، ولكن بعد التهم المفبركة ضد النائب الرئاسي طارق الهاشمي، ووقوعه أيضا تحت براثن تلكم الأحكام والحكم عليه بخمسة إعدامات!!، وانسحاب وتواري النائب الآخر عادل عبد المهدي!!، لم يبق في الساحة والميدان سوى النائب الباقي وهو الملا خضير الخزاعي، والذي لا تخصص أو صلاحيات ممنوحة له وتتوافق مع ميوله الانتقامية باعتباره من قيادات حزب الدعوة، سوى هواية ومهنة المصادقة على التنفيذ حتى تحول منصبه ليكون نائب الرئيس لشؤون الإعدامات الجماعية!! وهو منصب يليق به ويتناسب ومؤهلاته الشخصية وثقافته المعرفية، لقد تحولت الإعدامات لملف ابتزاز بشع بيد رئيس الحكومة، وأضحت سيفا مسلطا على المعارضين بتهديد خضوعهم لأحكام المادة 4 "إرهاب السيئة الصيت والسمعة"، وهو ما جعل الوضع الأمني والسياسي العراقي في الحضيض. لقد كان العراق ومنذ عام الانقلاب العسكري في 14 تموز- يوليو، مسرحا وميدانا واسعا لعمليات الإعدام والتي تحولت لسياسة محكمة وسنة متبعة وسيف مسلط بيد حكام القمع والإرهاب الذين لهم في العراق مواقع لا تهزها الجبال للأسف، فمع فناء كل طاغية ينبت طاغية جديد.. هذا هو واقع العراق الأسود!... حتى يقرر الله أمرًا كان مفعولا..