19 سبتمبر 2025
تسجيليخطئ من يحدد سنويا يوما واحدا فقط للاحتفال بالوطن. فالوطن يولد يوميا بنشاط وعزم أبنائه، والوطن يولد يوميا بمنجزات شبابه وطلابه في المدارس والجامعات، والوطن يولد يوميا بإخلاص شعبه كل في مجال عمله وعطائه، وأيضا الوطن يولد يوميا بعزم قادته على تحقيق الرفاه والتقدم. الفرحة الموسمية مطلوبة، والبهجة والاحتفال هما انعكاس لتأجج المشاعر في الذكرى السنوية لليوم الوطني. الأناشيد الوطنية وشيلات الولاء والقصائد التي تتغزل بالوطن، والأعلام التي تزين الشوارع والبيوت، والشعور الغريب الذي يتولد صبيحة يوم 18 ديسمبر كلها ظاهرة صحية نجدد فيها الولاء للوطن والقيادة. إلا أنني أقترح أن يكون قسم (حلف) وطني في مثل هذا اليوم يكرر فيه الفرد عبارات الولاء للوطن حفظا وتضحية وإخلاصا، ويكون فيه عهد ووعد لسمو الأمير والقيادة على الطاعة والسمع فيما يرضي الله ويحقق نمو البلد ويبرهن الدفاع عنه في كافة المواقف والأحوال. هذا القسم يكون على منوال قسم الأطباء عند بداية مزاولة المهنة، وكذا القسم العسكري في احتفال التخرج. إن الفرحة الحقيقية التي يمكن أن يزفها المواطنون والمقيمون على هذه الأرض الطيبة، هي فرحة الإنجاز الذي يرفع من شأن قطر بين بلدان العالم. أكبر هدية يمكن أن يقدمها الشعب لوطنهم هي تربية الأجيال على نحو تمتزج فيه الثقافة بالدين والولاء وقيم العمل والإخلاص والتفاني. إن أعظم عطاء يمكن أن يقدمه حماة الوطن للوطن هو التضحية بالدم والروح عندما ينادي المنادي، وكذلك الوقوف على الثغور والسهر على أمن وراحة الوطن بمن فيه. شاهدت تقريرا تلفزيونيا وثائقيا عن دولة قطر باللونين الأسود والأبيض، وكان سهلا على المشاهد أن يستنتج حب أهل قطر لوطنهم وأميرهم. وقد بان الفرق واضحا في النقلة النوعية لتطور البلاد من كافة النواحي العمرانية والخدمية والتعليمية والصحية والترفيهية وغيرها. هذه المفارقة بين الماضي والحاضر تعكس الجهود الحثيثة في تطور الدولة وفي عزم أبنائها وهمة قادتها. وكل ما علينا فعله في مثل هذا اليوم هو العزم على مواصلة تلك المسيرة والقسم بالله العظيم أن نبقى مخلصين محافظين منتجين. كل ما علينا فعله هو الدعاء لله أن يحفظ قطر وقادتها وأميرها. كلمات النشيد الوطني القطري هي بحد ذاتها قسم بأن تستمر العطاءات النوعية للشعب وأن تبقى قطر حرة عالية بين الأمم. المتمعن بالكلمات يجد فيها شعورا داخليا نحو حب الوطن، ويجد فيها بوصلة لتوجيه السلوك نحو تحقيق التنمية المستدامة في رؤية قطر 2030. زرت معسكر مقدام للخدمة الوطنية وأعجبني التنظيم المخطط وحماسة الشباب وعزم القائمين عليه. وهو يعد صفحة بيضاء من آلاف الصفحات في كتاب دولة قطر الحديثة. كما زرت معرض المحامل التقليدية الحادي عشر في كتارا ومسحت بنظرة سريعة ذكريات الشياب وكبار السن من أهل قطر الأولين. بدأت أقارن بين التشييد الخرافي للملاعب الدولية التي شيدتها قطر، وبين تلك الملاعب المماثلة في الدول المتقدمة. حاولت أن أوقف من مخيلتي صور لا منتهية من طيبة أهل قطر ما استطعت. لازلت أذكر ذلك الشاب العشريني الذي استوقفني مصرّاً على تصليح سيارتي الذي صدمها صدمة خفيفة دون حتى أن أشعر أنا بها. ولا زلت أتذكر تلك الابتسامة التي سبقت حلف الرجل أن يعزمني على الغداء أو العشاء في ثاني زيارة لي لقطر عندما علم أنني ضيف من الكويت. ولا زالت أمامي لوحة كبيرة من أواني الفطور الرمضاني المتراكمة عند باب منزلي كرما وحبا وطيبة وأجرا. باختصار: الوطنية ليست شعارات، إنها تعامل شعب بفطرته وثقافته وتطلعاته وطموحه. تماما كما هو الشعب القطري الأصيل. ◄ آخر المطاف: بالرغم أننا افتقدنا أجواء درب الساعي هذا العام، إلا أن المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني جميعها تحتفل باليوم الوطني 18 ديسمبر 2021، بل وحتى الأسر القطرية داخل منازلها تزينت أسوارها وأحواشها بالأعلام وازدانت جدرانها داخل وخارج المبنى بصور القيادة الحكيمة. ناهيك عن السيارات التي ثبتت اعلام الأدعم مع تعالي أغنية (شومي له) بكلماتها الجميلة ولحنها الخالد. هذا الاحتفال هو فرصة تربوية لغرس قيم المجتمع وثقافته في الأجيال وعلى الآباء إبراز حب الوطن وتلقينه في نفوس الأبناء بطريقة مباشرة وتطبيقية على حد سواء. ◄ همسة: ما يتعب السالين غير الذكريات اللي تجي في وقت ما هو وقتها. دمتم بود http://[email protected]