27 أكتوبر 2025

تسجيل

أوباما.. حبيس هاجس غزوة بوش العراقية!

19 ديسمبر 2015

الذين تواجدوا مثلي في العاصمة الأمريكية إبان غزو الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 ، وشاهدوا عن قرب كيف احتشد عشرات الألوف من الأمريكيين في مظاهرات حاشدة عبروا فيها عن رفضهم لغزو بلادهم للعراق، وكيف ذرف بعضهم الدموع الغزيرة عندما فشلوا في منع حكامهم من تدبير وتنفيذ الحرب الظالمة التي حركتها أطماع وأوهام سياسية واقتصادية غشيمة. الذين شاهدوا تلك الاحتجاجات الشعبية القوية ضد الحرب، وعايشوا الأكاذيب والخدع الماكرة التي دبرتها حفنة من غلاة المحافظين الجدد الذين تحلقوا حول رئيس متواضع القدرات السياسية والثقافية. وضربوا حوله سياجا محكما وزينوا له فكرة عدم الاستماع لأي نقاش حول تنفيذ مخطط الغزو، تلك المهمة المقدسة لإنقاذ العالم الحر من (المشروع النووي) الذي سيطلقه صدام حسين على العالم في القريب العاجل إذا لم يؤخذ على يديه قبل فوات الأوان كما كانت تهزي كونداليزا رايس، مستشارة الأمن القومي، ثم وزيرة الخارجية لاحقا. الذين عايشوا تلك الحيثيات الدرامية في ذلك الزمن الأمريكي الرديء لابد أنهم يتذكرون السيناتور الشاب الأسود النحيل الذي أرسلته الدائرة 13بولاية الينوي سناتورا عنها، وعن الحزب الديمقراطي في مجلس شيوخ الولاية. ولابد أنهم يذكرون أيضا كيف كان السيناتور الشاب، وأستاذ القانون الدستوري السابق في جامعة شيكاغو، كيف كان يصرخ ملء فيه في قاعة مجلس الشيوخ القرمزية منددا بالداعين إلى الحرب. وكيف أنه قد شد انتباه الأمة الأمريكية بفصاحته ورونقه ووسامته واسمه الغريب – باراك حسين أوباما! ولابد أنهم يذكرون كيف انتصبت تلك العجوز البيضاء واقفة وصاحت في المستمعين عندما كان السيناتور الشاب يلقي خطاب الافتتاح في مؤتمر الحزب الديمقراطي: (خذوا بالكم وتمعنوا في هذا الخطيب الشاب.. إنه الرئيس الأمريكي القادم.. وأعلن لكم أنني سوف أعطيه صوتي. وسوف أدعمه بكل ما أستطيع).. كان السيناتور الشاب أحد أقوى الأصوات الصارخة ضد حرب العراق. وكان يقول إن دعاة الحرب دحرجوا مركب أمريكا في مستنقع آسن، وسوف يشق علينا أمر إخراجها من ذلك المستنقع. سوف تكون المهمة مكلفة ومحزنة إن لم تكن مستحيلة.. الشاب الخطيب صار الرئيس الأمريكي الرابع والأربعين ليعيش محنة حرب العراق، دمارا اقتصاديا وفشلا سياسيا وضعفا عسكريا. وكبر في وجدانه هاجس المحنة التي خلفها له الكارثي جورج بوش. وأخذ هاجس الحرب الظالمة بخناقه من يومها. وكاد يجعل منه رئيسا "لا يهش ولا ينش" بلغة أبناء النيل!