13 سبتمبر 2025
تسجيلانهارت صديقة لي من أب إنجليزي وأم فلبينية، بعد أن وصلها خبر وفاة قريبتها في الفلبين بسبب الإعصار الذي مر وأخذ معه حياتها. فبدأت تذكر طفولتهما معا، أجمل صفات قريبتها، وتدعي لها، قدمنا تعازينا، وقلوبنا تعتصر ألماً لأنها إنسانة تعني لها الكثير. بعد مرور يومين من الخبر السيء، أتصلوا عليها أقرباؤها في الفلبين ليخبروها بأنهم وجدوا قريبتها على قيد الحياة، تتألم من جراحها وتتم معالجتها في احد المستشفيات. فهطل هذا الخبر كالمطر عليها، أنعشها وأسعدها وأعاد الابتسامة إلى وجهها مرة أخرى. كم هو مؤلم أن نفقد من نحب بدون عودة، وكم هو جميل أن يعود لنا ويخالف توقعاتنا بفقدانه للأبد. هناك الكثير من أفراد عائلاتنا وأصدقائنا، نحبهم كثيراً.. ولكننا قد لا نتحدث معهم لشهور، وربما لسنين طويلة. ولكن عندما نسمع خبر وفاتهم، نعتصر ألماً، وتتقاعد سعادتنا عن العمل في حياتنا. يقول الكاتب الرائع واسيني الأعرج: قدرنا الكبير هو أن نتدرب باستمرار على الفقدان.. ساعات في اليوم على الأقل مثلما نفعل مع الرياضة لكي لا نموت قهراً.. وأضيف أنا: إن مصيرنا هو أن نفقد كل الأشياء وكل الأشخاص وكل اللحظات، فلكل شيء نهاية، مهما أعتقدنا أنه سيستمر للأبد.. فاستغل حياتك جيداً.. عانق أحبابك وأخبرهم كم تحبهم، استغل اللحظات وأصنع منها ذكريات تستحق أن نبتسم من أجلها لاحقاً، واستمتع بالأشياء والنعم التي حولك قبل أن تستيقظ صباح يوم ما، وتستوعب أنك فقدت كل شيء.. كان يجعل حياتك أجمل. ربما لو نتخيل للحظة، موت أحبابنا مؤقتاً.. سوف تتحرك قلوبنا، وتبحث عنهم للتواصل معهم مرة أخرى.. لنستغل معاً الأوقات التي نتشارك فيها هذه الحياة معا.. مع من نحب.. قبل أن يرحل بعيداً. أحياناً لا نتوقف عن ذكر سيئات الناس، حتى لو كنا نحبهم.. ولكن عندما يموتون أو يرحلون بلا عودة عن حياتنا.. تبدأ حسناتهم بالمرور في ذاكرتنا وقلوبنا ومخيلتنا.. لنسأل أنفسنا وقتها.. كيف كنا لا نرى هذه الحسنات الجميلة وهم بقربنا؟ إن من طبع الإنسان.. تقدير الأشخاص كثيراً.. فقط في حال فقدانهم.. ولكن لماذا لا نتعود على أطباع جديدة أفضل.. كتقديرهم كثيراً.. عندما يكونون معنا وحولنا.. مادام الله قد أنعم علينا بوجودهم؟