20 أكتوبر 2025
تسجيلمؤشرات يسخرها الله تعالى للناس لتكون لديهم عبرة للاعتبار ومنها ما قرأه الجمهور العربي يوم الخميس 15 نوفمبر الجاري على وسائل الاعلام في نفس اليوم حيث عرف العالم أن دولة قطر أرسلت من المحطة الفضائية الأمريكية (كيب كينفرال) قمرا صناعيا قطريا (سهيل سات 2) يهدف الى تطوير وتحيين شبكات الاتصالات السلمية المدنية القطرية ومزيد ربطها بالعالم الناهض المتقدم ضمن استراتيجية قطرية تنموية رائدة بينما في نفس يوم الخميس يقرأ العالم تقرير وكالة المخابرات الأمريكية الذي يحدد بالتفاصيل ولي العهد السعودي كمصدر الآمر باغتيال خاشقجي رحمه الله ويسمع العالم أيضا صوت شعلان بن شعلان من الرياض يعصر نفسه بغير اقتناع ليقدم سيناريو عاشرا جديدا لما جرى في قنصلية المملكة السعودية في اسطنبول يوم 2 أكتوبر الماضي ! انها عبرة للتذكير بمدى الفوارق العملاقة بين رئيس دولة يقتحم ببلاده القرن الحادي والعشرين برصيد علمي وتكنولوجي فضائي ثري بغاية تحقيق المستقبل الأفضل لأجيالها ومسؤول دولة لم تزل مع الأسف تتعثر في عصور أخرى وتتخبط في مشكلة عميقة لا تعرف كيف تبررها ولا حتى كيف تفسرها ونتمنى لشعبها عودة الوعي والرشد. اننا بازاء منطقين مختلفين ومسارين متناقضين لمعالجة المعضلات المطروحة بقوة على المجتمعات العربية الراهنة والخليجية تحديدا في عالم مسرع الخطى يتعولم بالضرورة حول جملة قيم كونية تقر بحرية الانسان وتعترف بكرامته وتوظف الدولة لخدمته وضمان مصيره الأفضل. نحن أمام خيارين من الخيارات الجوهرية لحكم الشعوب اما بانتهاج سبل الديمقراطية أو بالركون المريح للديكتاتورية والغريب أن منظومات حكم عديدة في العالم العربي لم توقظها نواقيس الانذار المبكر لتدارك أخطائها وتلافي نقائصها كي تلتحق بركب الأمم وتندرج صلب العولمة الحضارية التي ألغت الحدود وحطمت السدود وشيدت بين المجتمعات جسورا من تحالف الحضارات دون هيمنة حضارة على حضارة أو استكبار أمة على أمة. فعوض الرجوع الكامل عن استبلاه الشعوب يؤكد عادل الجبير في نفس اللحظة التي انطلق فيها القمر الصناعي القطري أن الدرس القاسي المتمثل في جريمة القنصلية لم يقع استيعابه بما يلزم من الحكمة بل كان العالم على موعد مع بيان المدعي العام السعودي الذي ابتدع مصطلحات جديدة وطريفة بقصد المغالطة فأصبح تقطيع أوصال الضحية رحمة الله عليه جمال خاشقجي ينعت ب...(التجزئة) طبعا مع ترحم شعلان على القتيل كأنما عبارة (التجزئة) سوف تغير من الواقع المقزز شيئا ! فالتجزئة تعني التقسيط في اللغة التجارية وهو ما حدث للقتيل حسب شعلان عوض أن يباع أو يسلم للمتعامل التركي المجهول أو المزعوم كاملا كأنما يتحدث هذا الناطق الرسمي عن كيس بطاطس عافانا وعافاكم الله ! اننا اليوم أمام تقرير وكالة المخابرات الأمريكية التي سافرت مديرتها الى تركيا وقدم لها الباحثون الأتراك ما لديهم من براهين الادانة بالتفاصيل من أسفل سلم المنفذين للجريمة المروعة الى أعلى سلم المسؤولية لمن أمر بها وخطط لها وتابعها من الألف للياء. قدمت مديرة المخابرات تقريرها الى الرئيس ترامب وهو الذي قرر بثه على العموم تمهيدا لما ستتخذه الادارة الأمريكية من قرارات وعقوبات ضد المتورطين في الجريمة النكراء لأن هؤلاء المتورطين غفلوا عن طبيعة التركيبة الدستورية للدولة الفيدرالية الأمريكية وهي تركيبة تقوم على توازن المؤسسات وتكاملها حسب ما رسمه الدستور الأمريكي منذ 250 عاما فالرئيس ليس الحاكم الأوحد وليس الآمر الناهي بل هو مضطر للتعامل مع الكونغرس ومراعاة القوى المدنية من اعلام حر ونقابات راسخة ومنظمات مدنية تعبرعن ضمير المجتمع الأمريكي بمكوناته العديدة. نحن بفضل الله تعالى على مشارف تحولات جذرية مباركة في الشرق الأوسط بانتصار الخط القومي الأمين الذي تمثله القيادة القطرية التي ساهمت في حل مشاكل غزة بضخ عشرات الملايين من الدولارات لتزويد القطاع بالماء والطاقة والكهرباء وانهزام الخط المنسلخ الذي يمثله غيرها بالتنازل الرخيص عن حق الشعب الفلسطيني والتحالف مع اليمين العنصري المتخلف في اسرائيل. اننا أمام انهاء الحرب العبثية اليمنية والعودة الى سلام اقليمي برفع الحصار الجائر على الشعب القطري ورص الصفوف الخليجية من جديد ليكون مجلس التعاون صرحا عتيدا مثلما كان ومثلما تدعو اليه القوى العظمى التي ترى مصالحها مع خليج متضامن قوي بوحدته ومتمسك بسيادة دوله ويؤدي رسالة السلام والأمن في المنطقة وفي العالم.