10 سبتمبر 2025
تسجيلتقول عائشة رضي الله عنها: "إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر، لقالوا لا ندع الخمر أبداً".. كانت التربية النبوية هي التربية النموذجية، والتي تنزلت على النبي عليه الصلاة والسلام إلهاماً ووحياً، فكما قال الله تعالى في محكم التنزيل: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى". إن الله سبحانه وتعالى خلقنا، وهو الأعلم بالأصلح لأذهاننا وفكرنا ونفسياتنا، فكانت تلك الطريقة التربوية، درساً للأجيال عبر النبي عليه الصلاة والسلام، وقاعدة للتعليم، لجميع أفراد المجتمع باختلاف أعمارهم وعقلياتهم وقدراتهم. فعلى سبيل المثال، نرى أن النهي في الخمر جاء بصورة تدريجية، ولم يأتِ التحريم القاطع، فكان في البداية لفت نظر الناس إلى مضاره ومساوئه، ثم ذكر تلك الأضرار على الإنسان، وبعد ذلك نُهي عنه أثناء أداء الصلاة، حتى جاء في الأخير تحريمه، والتحذير من أنه عمل من أعمال الشيطان.. وذلك كله، ينطبق علينا نحن.. وفي الوقت الراهن بالتحديد، وفي مسألة مهمة وحساسة، كالتعليم.. إن التعليم قبل أن يتمكن من العقل يحتاج إلى تهيئة، والاستعداد الذي يمهد لكتل المعرفة أن تبقى وتستوطن، ما أمكن لها أن تبقى، خاصة في المرحلة الإبتدائية. لعل سنةً كالسنة الأولى من مرحلة الطفولة المبكرة، تحتاج وبالشكل الدقيق إلى التهيئة في التعليم، وعدم التكثيف في المناهج على اختلاف موادها، ذلك إن كنا نبغي جيلاً مثقفاً واعياً، يختزل الأفكار ولا يضيعها لكثرتها أو حتى لتضخمها. و قد لا يشعر بكل ذلك العبء إلا الأطراف الثلاثة، المتورطة فعلاً في ذلك النهج الخاطئ في التكديس، لكمية غير قليلة البتة في ضخ المعلومات في الذهن الصغير، ألا وهي: المعلم والطالب وولي الأمر، فهذه الخطة في القفز الماراثوني، تضر الطالب أولاً، وتضغط على المعلم ثانياً، وأخيراً، تتلف أعصاب ولي الأمر.. نحن لا نريد جيلاً ينخله التعب، فلا يُبقي من علمه شيئاً ولا يذر، نحن لا نريد سباقاً بين السنة الدراسية والمعرفة، لنعرف النتيجة النهائية، من انتهى أولاً.. نحن نريد جيلاً تشرّب العلم، تعجز السنين أن تمحو ما استقاه، نريد أطفالاً تمرّسوا مهارة الكتابة مع القراءة والتحدث، كما هي طبيعة اللغات الأخرى، لا نريدهم انطلقوا في مهارة وتعطلوا في أخرى، لا نريد الجهل بأي صورة وشكل.. إن أبناءنا لا يرون أمامهم سوى معلماتهم، هم لا يعلمون إن كان وراء الأنظمة المجلس الأعلى أم غيره، لذا، يصيح لسان حالهم: "تدرجي يا معلمتي"، ونصيح نحن من ورائهم "تدرجوا أيها المجلس الأعلى للتعليم".