31 أكتوبر 2025

تسجيل

بوابات الطائفية القذرة في الصراع العراقي؟

19 أكتوبر 2016

لاشك في أن أهم نقطة جوهرية تمخض عنها احتلال وتدمير العراق عام 2003 هي انفتاح بوابات الطائفية الرثة التي أكلت الأخضر واليابس وأجهزت على جهود بناء الدولة العراقية الحديثة القائمة منذ عام 1921!، فبعد ذلك الاحتلال تغير العراق للأبد، وجاءت الأحزاب والجماعات الطائفية التي ظهرت بشكل خجول على الساحة العراقية في ستينيات القرن الماضي والذي شهد انتشارا جماهيريا للتيارات الشيوعية واليسارية ومن نفس الجماهير التي انضمت فيما بعد للتيارات والأحزاب الطائفية، ثم تطورت ونمت بعد الثورة الإيرانية التي وجدت لها مجالا خصبا ورحبا وتبشيريا في العمق العراقي من خلال تلكم الأحزاب الطائفية المشبوهة التي نمت وترعرعت في رعاية وحضن أجهزة المخابرات الدولية التي كانت تعدها وتصقلها وتهيئها لليوم المعلوم!، نمو التيارات الطائفية في العراق جاء بعد تداعيات وأحداث إقليمية كبرى بدأت إرهاصاتها عام 1979 وتعمقت أسسها عام 1980 بعد إعلان حزب الدعوة الإسلامية التابع أصلا للنظام الإيراني العمل المسلح لإسقاط النظام البعثي السابق وحيث بدأت عمليات التفجير والإغتيال في الشارع العراقي مترافقة مع دعم إعلامي واستخباري إيراني واسع النطاق ودعوات رسمية إيرانية مفتوحة لإسقاط النظام العراقي ودعوة المرجع الراحل محمد باقر الصدر لقيادة الثورة الإسلامية في العراق مما عجل بإعدامه في التاسع من أبريل 1980 وما رافق ذلك من إجراءات حكومية عراقية تمثلت وقتذاك بإبعاد عشرات الآلاف من العراقيين من ذوي الأصول والتبعية الإيرانية لإيران بهدف تجفيف منابع الدعم للأحزاب والجماعات الطائفية في العراق، ثم اتجهت الأمور صوب مسارات أخرى ومختلفة بوصول التوتر لمداه واشتعال الحرب العراقية/ الإيرانية في 22 سبتمبر 1980 تحت دعاوي وأسباب ومبررات الصراع حول مناطق حدودية ولكن الأسباب الحقيقية غير ذلك تماما، الإيرانيون الذين كانوا وقتذاك يعانون من صراعات داخلية شرسة بين الأطراف الثورية المتباينة الاتجاه اعتبروا الحرب نعمة عليهم فالخميني علق بالقول على انطلاق الحرب بقولته الشهيرة (الخير فيما وقع)!!، لكونه اعتبر الحرب بمثابة خشبة الإنقاذ لنظامه المترنح وقتذاك وحيث استطاع في ظلها من تصفية قوى المعارضة عبر مجازر ومواجهات شهيرة، ثم أعلن بأن نظامه لن يوقف الحرب إلا تحت شروط أهمها: محاكمة المعتدي! وإقامة الجمهورية الإسلامية في العراق على النمط الإيراني؟ وهذه الشروط تعجيزية لكونها شروط منتصر وليس شروط من يوقف الحرب!، فاستمرت الحرب الماراثونية سجالا لثمانية أعوام جرت خلالها دماء رهيبة تحت كل الجسور والمواقع وتحمل شعبا العراق وإيران خسائر بشرية واقتصادية رهيبة وتعرضت المنطقة خلالها لهزات أمنية وسياسية ظهر معها الدور الإرهابي للجماعات الطائفية المرتبطة بالنظام الإيراني مثل حزب الدعوة تحديدا والخلايا الإرهابية الأولى لحزب الله اللبناني وحيث كانت العمليات الإرهابية الانتحارية ألولي في لبنان تحديدا هي المسار القادم لعمليات إرهاب كبرى ضربت الشرق، فتفجير السفارة العراقية في بيروت في 15 ديسمبر 1981 قام بها إنتحاري من حزب الدعوة تم تدريبه في دمشق!، وإنفجارات الكويت الكبرى في 12/12/1983 دشنها انتحاري عراقي من حزب الدعوة يدعى (رعد مفتن عجيل) ضد السفارة الأمريكية في الكويت! أتبعتها لاحقا سلسلة أفعال إرهاب انتحارية استهدفت إحداها أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد في 25/مايو/1985 وكان يقف خلفها حزب الدعوة أيضا وتحديدا القائد الحالي في الحشد الطائفي العراقي أبو مهدي المهندس واسمه جمال جعفر إبراهيمي!، لقد ارتبط الإرهاب الإقليمي والدولي بأحزاب العراق الطائفية والتي انتهت فعاليتها الفعلية بعد قبول النظام الإيراني لقرار وقف إطلاق النار الأممي 598 عام 1988 وتوقف الحرب مع العراق، ومن ثم إقامة علاقات طبيعية بين البلدين بعد رحيل الخميني عام 1989، وتحلل تلكم الأحزاب التي هرب عناصرها لمنافي اللجوء البعيدة قبل أن تتكفل حماقة غزو الكويت عام 1990 بإعادة الحياة لما مات وتحلل!!، وجاءت سنوات الحصار الدولي الطويلة على العراق لتغير الكثير من جوانب صورة التطور الاجتماعي العراقي ولينكفئ المجتمع نحو ملاذات طائفية ضيقة!، ثم كانت الحملة العسكرية الأمريكية على العراق بالتعاون مع الأحزاب والجماعات الطائفية التي حاربت الأمريكان في الماضي القريب ثم حولت ولائها لتكون هي الحاضن للمشروع الأمريكي الذي انتشلها من العدم وسلمها مفاتيح السلطة في واحدة من أكبر تناقضات السياسة الدولية في القرن الحادي والعشرين! إنها متلازمة الثأر الطائفي البغيض وقد فتحت بوابات حقدها الرهيبة..