14 سبتمبر 2025
تسجيلتتولى هذه الدعوة الآلية الأفريقية رفيعة المستوى التي يقودها الرئيس ثابو أمبيكي، رئيس جنوب أفريقيا السابق.. وتدفعها بقوة الأمم المتحدة ممثلة في أمينها العالم، والترويكا الثلاثية، ممثلة في الولايات المتحدة والنرويج وبريطانيا، وهي الدول الأكثر بذلا ومساهمة في جهود حل النزاع السوداني الطويل. وتصطف خلفها المعارضة السودانية بشقيها المدني والعسكري بشروطها المحددة التي لن تتنازل عنها أبدا باعتبارها شروط الحد الأدنى. وتنسجم مواقف دول الترويكا الثلاثية (الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج، مع مواقف الآلية الأفريقية رفيعة المستوى، ومع مواقف المعارضة السودانية بشقيها المدني والعسكري لجهة عقد المؤتمر التحضيري في مدينة أديس أبابا، العاصمة الإثيوبية. ويبرز من بين الداعمين بقوة وإصرار لعقد المؤتمر التحضيري في العاصمة الإثيوبية موقف السيد الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة، الحزب الجماهيري الاكبر، وآخر رئيس وزراء منتخب ديمقراطيا، وزعيم طائفة الأنصار، الطائفة الدينية الأكبر في السودان، والذي يتمسك بحل سياسي يتم الوصول إليه عن طريق مؤتمر حوار تديره شخصية قومية متوافق عليها من قبل الشعب السوداني. ولكن الحكومة السودانية ترفض بإصرار فكرة المؤتمر التحضيري. وتعتبر انعقاد هذا المؤتمر بمثابة تجميع معارضيها في كتلة واحدة وتسهيل مهمتهم في اختراق الجبهة التي تعتمد عليها الحكومة في استدامة سيطرتها على الأوضاع السياسية في البلاد. ولكي تستبق خطوات الذين يمهدون لانعقاد المؤتمر التحضيري، قامت الحكومة بعقد مؤتمر حوار دعت إليه نفسها وكشكولا من المنظمات والأحزاب التي صنعتها خلال ربع القرن المنصرم. وفاجأت الجميع بإخراج قائمة حزبية تضم حوالي المائة حزب وحددت مكانا وزمانا لانعقاد مؤتمر أسمته مؤتمر الحوار الوطني، دعت إليه شركاءها في الحكم ومناصريها وأطلقت عليهم صفة الشخصيات القومية رغم أنها شخصيات مغمورة سياسيا واجتماعيا في معظمها. ووفر ظهورهم في هذا التجمع بصفة أنهم شخصيات قومية، وفر فرصا للتندر والاستهزاء. أكبر محفز للتندر والاستهزاء كان الحديث عن مشاركة مائة حزب سوداني في هذا المؤتمر بعد أن علموا للمرة الأولى أن في بلادهم (مائة) حزب عامل لا يعرفون لها دورا ولا عنوانا ولا قيادات. بل لم يسمعوا بها من قبل. لقد صنع النظام هذه الأشكال الهلامية على مدى ربع قرن من الزمن لتلبي له بعض حاجيات في نفسه أقلها حاجته في تفتيت الأحزاب التي كانت قائمة قبل مجيئه بإغراء بعض عضويتها للانسلاخ وتكوين أجسام حزبية موازية تحمل نفس الأسماء مكايدة للحزب الأم الذي يرفض الترويض. وبذرا لعوامل الفرقة عملا بالمذهب الإنجليزي اللئيم – فرق تسد! غير أن مؤتمر النظام هذا لم يلب الحاجيات المطلوبة من وراء عقده. لقد ابتعدت عنه الآلية الأفريقية رفيعة المستوى المكلفة أفريقيا بالملف السوداني، وكذلك ابتعدت عنه دول الترويكا الثلاثية المنشغلة بحل المشكل السوداني الطويل ممثلة في الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج. ولحق الاتحاد الأوروبي بالمبتعدين عنه.. وغاب عنه صديق الحكومة الحريص الرئيس ثابو أمبيكي الذي كم صابر وصبر على تصرفات النظام العنترية التي أجهضت معظم محاولاته لأحداث اختراق في المشكل السوداني قد يحسب له غدا. وفوق هذا وذاك عاد شبح المؤتمر التحضيري الذي تخافه الحكومة، عاد يحلق في الأرجاء!الآن، تدور الأيام دورتها وتجد الحكومة السودانية نفسها أمام ضغوط لا قبل لها بها. فإن هي رفضت فكرة عقد المؤتمر التحضيري، ستجد نفسها في مواجهة مكشوفة مع الأمم المتحدة. ومع الاتحاد الأفريقي فضلا عن معارضة متحدة وقد حصلت للتو على مباركات دولية وإقليمية لم تتوفر لها من قبل.