19 سبتمبر 2025

تسجيل

الوالدة هيا بنت عبد العزيز المحري المهندي في ذمة الله

19 سبتمبر 2019

ببالغ الحزن والأسَى تفارقنا والدة الجميع: هيا بنت عبد العزيز بن عبدالله بن راشد المحري المهندي، أرملة الوالد خميس بن شقر العرابيد الشهواني رحمه الله، ووالدة كل من محمد بن خميس بن شقر العرابيد الشهواني، وجمعة بن خميس بن شقر العرابيد الشهواني، وعلي بن خميس بن شقر العرابيد الشهواني، وحسن بن خميس بن شقر العرابيد الشهواني، وشقيقة والد الجميع الوالد علي بن عبدالعزيز بن عبدالله المحري المهندي. لقد تألَّمت قلوبنا لخبر وفاتها عليها رحمة الله تعالى، ولكن ولله الحمد رزقنا الله جميعاً الصبر والسلوان بفضله ومنّه وكرمه سبحانه والحمد لله على كل حال. فقد كانت الوالدة هيا بنت عبدالعزيز المحري المهندي (أم محمد) رحمها الله، مِثالًا للمسلمة التقية النقية التي تسعى في الخير دائمًا طلبًا لرضا ربها سبحانه، وفي مقدمة حُسن خُلُقها -عليها رحمة الله- بِرُّها الكبيرُ لوالدَيْها؛ فلقد أحسنا تربيتها على البر والتقوى وفضائل الأعمال، فنشأت تحمل الخير، وتطبق أوامر ربها، وتسارع في برهما والإحسان إليهما. فالأصول الطيبة كان لها أثر عظيم على الوالدة هيا -رحمها الله تعالى- كما قال الله تعالى: {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 34]. فقد كان بِرُّها بوالدَيْها سببًا -ولله الحمد- في توفيقها في حياتها لكل وجوه الخير، كان سببًا في رضا الله عليها سبحانه وتعالى، وكانت واصلةً لأرحامها بشكل مستمر، وبالتحديد لشقيقها الوحيد الوالد علي بن عبد العزيز المحري المهندي بعد وفاة أخواتها رحمة الله عليهن جميعاً؛ فقد توفاهن الله قبلها؛ فصبرت واحتسبت على فراقهن. والدها هو الوالد عبدالعزيز بن عبدالله بن راشد المحري المهندي (الإمام الزاهد) رحمه الله، وكانت قريبة جداً من والدي راشد بن علي المحري المهندي رحمه الله (الإمام والشاعر) (خالها)، وكذلك عمّي محمد بن علي بن راشد المحري المهندي رحمه الله (الأديب والشاعر صاحب التحميدة والأدعية) (خالها)، فتعلمت الوالدة هيا منهم الكثير من العلوم والمعرفة والثقافة في الحياة بشكل عام منذ صغر سنها. والوالدة هيا رحمها الله هي ابنة عمتي رقية بنت علي بن راشد المحري المهندي رحمها الله (امرأة معروفة بتقوى الله وحب الدعوة إلى الله والعلم والمعرفة وصلة الرحم)، فاستفادت منها الكثير أيضاً. وكذلك فَقَدَت إحدى بناتها بسبب المرض؛ فصبرت واحتسبت واسترجعت وقالت: (إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها). وقد عوَّضها الله سبحانه وتعالى وأخلف عليها بكل خير؛ فعوضها الله بالذرية الصالحة المباركة من الأبناء والبنات وبارك لها فيهم جميعاً، ورزقها الله البركة في الأحفاد والحفيدات، والجدير بالذكر بأنها الجدة الكبيرة حيث إن لديها حفيدات أصبحن جدات اللهم بارك في الجميع وهذا من البركة في الرزق والذرية. وكانت الزيارات للأرحام عند الوالدة هيا -رحمها الله- شبه يومية، حتى في وجود وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات، فكانت تفضل الزيارات للسؤال عن الحال. ومن فضائل الأعمال التي حرصت عليها الوالدة هيا رحمها الله تعالى، حرصها على حفظ أجزاء من القرآن ؛ فقد حفظت بعض الأجزاء والسور بالرغم من كِبَر سنها وضعف صحتها، فقد تخطت الثمانين عامًا وهي مجتهدة في حفظ كتاب الله تعالى. فقد كانت تأتيها مُحفِّظَة القرآن إلى بيتها، ومُحفِّظة القرآن في مدينة الخور سودانية الجنسية، اسمها أم عبد الماجد ويُلقِّبها البعض (بأم مصطفى) رحمها الله، كانت تأتيها وتُحفِّظها مثل الصديقة الحميمة لها، وكذلك قامت ابنتها (أم علي) بختم القرآن عن حاضر مع الوالدة هيا من خلال الترديد وراءها من بداية سورة البقرة إلى آخر سورة الناس. وقد ساهمت الوالدة هيا بنت عبدالعزيز في كثير من الأعمال الخيرية التي نسأل الله أن يكتب أجرها ويرفع قدرها يا رب العالمين؛ فقد بنت المساجد داخل قطر وخارجها، ومن هذه المساجد مسجدها الجامع والحافل بالمحاضرات والندوات وخطب الجمعة والذي يحمل اسم: مسجد هيا بنت عبدالعزيز المحري المهندي وله رقمه المعروف في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر، ورقم المسجد هو (م س 1021)، والذي يقع شرق مدينة الخور بالقرب من مجلس بن شقر المعروف. وساهمت أم محمد رحمها الله، في صيانة الكثير من المساجد، وساهمت في بناء مدارس ودور الأيتام، وكذلك ساهمت في بناء وصيانة أكاديميات ومدارس تعليمية، وحفر الآبار وكفالة الأيتام والفقراء المحتاجين، وساهمت في رعاية مالية للحجاج والمعتمرين. ومن أعمالها المميزة: حرصها على أداء العمرة في ثواب موتاها وأداء الحج في ثواب موتاها. وكنت إذا تشرفت بأي زيارة للوالدة هيا بنت عبدالعزيز؛ أستمع لها بكل إنصات وانتباه لأن حديثها لا يخلو من ذكر الله سبحانه، والحكم وأبيات الشعر وبعض المعلومات المهمة، ثم تذكرنا بمآثر الآباء والأجداد رحمهم الله جميعاً. ولا شك أن كل هذه الأعمال الخيرية والطيبة التي حرصت عليها الوالدة هيا - رحمها الله- كان لها أثر واضح في حُسن الختام نسأل الله لها الرحمة والمغفرة؛ فقد عاشت عزيزة وغالية على الجميع وماتت وهي كذلك، وكان فراق الدنيا سهلًا عليها، لم ينزل بها النزع الشديد أثناء الوفاة كما ذكر أبناؤها لي حالها وقت الفراق، وقد ذكروا لي أيضا أن أصبعها السبابة كانت تشير إلى ذِكْر الشهادة، وكان ابنها محمد بن خميس يذكرها ويُلقِّنها الشهادة وكذلك إخوانه وأخواته، فتجاوبت معهم، على الرغم من حالتها الصحية الحرجة، وفارقت الدنيا. وكانت جنازتها من أسهل الجنازات التي شاهدتُها شخصياً، وكان الحضور كبيرًا من أهالي الخور للصلاة عليها والمناطق المجاورة ومن الدوحة من جميع فئات المجتمع القطري؛ فقد لاحظتُ سهولةَ تنقل الجنازة، وخفة حملها، والوقت الذي استغرق فيه الدفن. وفي النهاية... الوالدة هيا بنت عبدالعزيز المحري المهندي رحمها الله، مثال حقيقي وواقعي لمن أراد أن يتاجر مع ربه تجارةً لن تبور، وحياتها كانت رسالةً نافعةً لكل مَن كان حولها، وفي الحقيقة فإنه لايمكننا حصر مآثرها الكثيرة من خلال هذا الأسطر القليلة. اللهم اغفر للوالدة هيا بنت عبدالعزيز المحري المهندي وارحمها، وعافها واعف عنها، وأكرم نُزُلها، ووسِّع مُدخلها، واغسلها بالماء والثلج والبَرَد، ونَقِّها من الذنوب والخطايا كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس، واحشرها اللهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، وصَبِّر اللهم أهلها ومحبيها، وارزقها الفردوس الأعلى من الجنة، وارحم اللهم موتانا وموتى المسلمين، يا رب العالمين.   [email protected]