18 سبتمبر 2025

تسجيل

قطر والمملكة المتحدة شراكة استراتيجية

19 سبتمبر 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لقد أصبحت أعرف الكثير عن الخليج من خلال مسيرتي المهنية، فمنصبي السابق كوزير الدفاع البريطاني جعلني أقوم بالعديد من الزيارات إلى المنطقة بصورة منتظمة. ومع كل زيارة، لا أستطيع إلا أن أتوقف عند الطموحات الكبيرة والإبداعات والإمكانات التي أشهدها. وقبيل زيارتي لقطر في منصبي الجديد كوزير التجارة الدولية، يذهلني ما أراه من نشاط وطموح في هذا البلد الذي يتطلع إلى الأمام ويعمل نحو تحقيق رؤية وطنية مثيرة للاهتمام ويستعد لاستضافة كأس العالم في عام 2022. إن قطر، كالمملكة المتحدة، لديها تاريخ تجاري يدعو للفخر، فهو يجري في عروقنا. فلطالما كان الخليج العربي طريقًا تجاريًا في غاية الأهمية للبضائع المتجهة من آسيا إلى البحر الأبيض المتوسط ومنه إلى أوروبا. لم تكن البضائع التجارية فقط محل التبادل، فلقد جلبت هذه الطرق الفلسفة والدين والفن، فنشرت الازدهار الثقافي والرخاء الاقتصادي. أثبت التاريخ أن الاقتصادات التجارية المفتوحة تولد الثروات وتخلق فرص عمل، وتؤدي إلى توفير الخيارات أمام المستهلكين وزيادة القيمة مقابل المال، كما أنها تؤدي إلى رفع مستويات المعيشة. تعد التجارة ضمن الاهتمامات الأساسية لشعبينا، ومهمة حكومتينا تكمن في ضمان تدفق الفرص التجارية. ولهذا السبب أزور قطر اليوم.يعتبر الخليج بالنسبة للمملكة المتحدة شريكًا تجاريًا رئيسيا، حيث بلغت صادرات المملكة المتحدة في العام 2015 أكثر من 20 مليار جنيه إسترليني - وهو ما يزيد على حجم صادرات الصين وما يعادل ضعف الصادرات من الهند. إن زيادة حجم الأعمال التجارية مع دول الخليج تشكل جزءًا أساسيًا من إستراتيجيتنا الدولية، والتي تشمل اتفاقيات تجارة حرة جديدة في المستقبل، وستبقى قطر شريكًا مهمًا للمملكة المتحدة. في عام 2015، بلغ إجمالي صادرات المملكة المتحدة إلى قطر 2.6 مليار جنيه إسترليني، بزيادة قدرها 16% عن عام 2014، في حين تضاعفت صادرات قطر إلى المملكة المتحدة لتبلغ 2.7 مليار جنيه إسترليني. أصبحت بعض كبرى الشركات بالمملكة المتحدة مثل شركة "شل" من كبار المستثمرين في المنطقة لعدة أعوام، ويسعدني أن تكون شركة "شل" أكبر مستثمر أجنبي في قطر بمصنعها الرائد عالميًا لتحويل الغاز إلى سائل. كما تعمل الكثير من الشركات البريطانية بنشاط كبير في مشاريع البنية التحتية بقطر، لاسيَّما شركات الهندسة المعمارية وشركات استشارات التصميم وإدارة المشاريع والاستشارات الهندسية. كما أن للمملكة المتحدة تمثيلًا جيدًا في قطاع الخدمات المالية والمهنية، بالإضافة إلى العديد من كبرى الشركات القانونية البريطانية والبنوك وشركات المحاسبة والشركات الاستشارية التي لديها وجود راسخ هنا، هذا إلى جانب وجود وكالات السيارات البريطانية والسلع الكمالية والبيع بالتجزئة والعلامات التجارية في المتاجر ومراكز التسوق في قطر. إلا أنني أرغب في رؤية المزيد؛ أود أن تتواجد أفضل الأعمال التجارية والصناعات البريطانية هنا في قطر، وأرغب في أن تقوم شركاتنا وخبراؤنا ومسؤولونا بلعب دور قيادي في دعم تقديم الرؤية الوطنية لقطر لعام 2030 وفي تقديم كأس عالم ناجح هنا في قطر في العام 2022.أرغب كحكومة في أن نكون أسرع في تحديد فرص التصدير القيمة في الأسواق التي تشهد نموا مرتفعًا، ولقد وضعنا 31 فرصة ضمن أسواق دول الخليج - بما فيها دولة قطر - على سلم أولوياتنا. لا يغطي هذا الصناعات التقليدية مثل النفط والغاز والدفاع والبنية التحتية فحسب، بل إنه يشمل مجالات ناشئة مثل علوم الحياة والإبداع. هذا وستواصل وكالة تمويل الصادرات البريطانية - وهي وكالة ائتمان الصادرات التابعة للحكومة – تواجدها من أجل ضمان عدم فشل أي صادرات إلى قطر نتيجة لنقص التمويل أو عدم وجود تأمين، وستواصل ما تقوم به من جهد كبير لتقليص العوائق أمام التجارة.إن بيع بضائعنا وخدماتنا إلى المنطقة هو بالطبع نصف القصة فحسب؛ فالمملكة المتحدة هي إحدى أكثر الاقتصادات المفتوحة أمام الاستثمار الداخلي في العالم، ووفقًا للبنك الدولي، احتلت المملكة المتحدة المرتبة الأولى بين الاقتصادات الكبرى من حيث سهولة القيام بالأعمال التجارية. فخلال 2015 - 2016، جذبت المملكة المتحدة عددًا قياسيًا من مشاريع الاستثمار الداخلي، مما أدى إلى استحداث ثاني أكبر عدد من الوظائف مقارنة بأي وقت مضى. لقد أسعدني إعلان شركة غلاسكو سميث كلاين الشهر الماضي عن توسيع مواقع التصنيع الخاصة بها في المملكة المتحدة بمبلغ يقدر بنحو 275 مليون جنيه إسترليني. إن دول الخليج هي شريك استثماري مهم جدًا بالنسبة لنا، حيث كانت هيئات الاستثمار بدول مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص في المقدمة. تمتلك قطر استثمارات بقيمة تزيد على 30 مليار جنيه إسترليني (بما في ذلك كناري وورف، وبرج شارد، وبرج مصرف إتش إس بي سي، ومتاجر هارودز) في المملكة المتحدة وحدها. هذا وتتولى شركة الديار القطرية إعادة تطوير مشاريع متميزة، مثل قرية الحديقة الأولمبية وثكنات تشيلسي. إن جميع هذه المشاريع تساعد على دفع النمو المستمر لاقتصاد المملكة المتحدة، مع تقديم عوائد استثمار إيجابية لدولة قطر في بيئة مستقرة سياسيًا وقانونيًا واقتصاديًا تعرفها قطر.إنني أعلم أن قرار المملكة المتحدة الأخير بمغادرة الاتحاد الأوروبي قد أثار شكوك البعض حول التوقعات الاقتصادية للمملكة المتحدة وقدرتها التجارية. أود أن أنقل رسالة واضحة إلى الخليج مفادها أن أبواب المملكة المتحدة مفتوحة للأعمال التجارية وأننا نمتلك الآن فرصة كبيرة لوضع أنفسنا في قلب عالم يزداد ترابطًا يومًا بعد يوم.لطالما كانت المملكة المتحدة دولة واثقة ومنفتحة على الخارج، ودائمًا ما ترفض أن تكون مقيدة بحجمها أو وضعها كجزيرة. إن الشعور بالفخر الوطني بعد الحصول على المركز الثاني في أولمبياد ريو دي جانيرو يدعم ما يمكن أن يحققه شعب قوي الإرادة قوامه أقل من 65 مليون نسمة. كثيرًا ما أعتقد أن عصر العولمة الحديثة يمكن أن يكون قد كُتب مع وضع المملكة المتحدة في الاعتبار. فنحن نتمتع بنظام القانون، بما في ذلك القانون التجاري الذي يثير الإعجاب في جميع أنحاء العالم ويعزز الثقة في الاستثمارات في بريطانيا، ولدينا قوة عاملة ماهرة ومستويات منخفضة من الاضطرابات الصناعية ولوائح قليلة وضرائب منخفضة، كما نتحدث الإنجليزية ونقع في المنطقة الزمنية المناسبة للتجارة العالمية. تشير الأسس الاقتصادية القوية هذه إلى أن الاقتصاد البريطاني قد أثبت مرونة قبل الاستفتاء وبعده على حد سواء رغم التوقعات الكارثية. إنني أعلم أن الكثيرين هنا في الخليج قد أوضحوا بالفعل ثقتهم القوية في اقتصاد المملكة المتحدة واهتمامهم المستمر بزيادة استثماراتهم في المملكة المتحدة.أود أن أطمئن الشركات التجارية والمستثمرين الذين يشعرون بالقلق من مستوى التغيير الجاري أن لا شيء سيتغير في الوقت الحالي؛ فنحن مازلنا أعضاء في الاتحاد الأوروبي. وأثناء تواجدنا كأعضاء في الاتحاد، ستواصل المملكة المتحدة - كعادتها دومًا – المطالبة بمزيد من التحرر الاقتصادي عبر الاتحاد الأوروبي. قد يزعم البعض أن التصويت لمغادرة الاتحاد الأوروبي كان أشبه لقيام المملكة المتحدة بإدارة ظهرها للتجارة الحرة واتجاهها نحو الانعزالية. هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. إننا نرغب في نجاح الاتحاد الأوروبي، إلا أننا لا نريد أن نخضع لأحكامه. وعندما نغادر الاتحاد الأوروبي، فإننا نعتزم القيام بذلك بطريقة تضمن حدوث أقل قدر من الاضطراب لشركائنا الأوروبيين لنواصل ما بيننا من روابط اقتصادية وسياسية وأمنية قوية. نحن لن نغادر أوروبا – إننا بحاجة في عصر العولمة إلى الانفتاح على التجارة مع أي سوق يتشابه وظيفيًا مع سوقنا وإن لم يكن قريبًا من الناحية الجغرافية - بل إننا ننضم مجددًا إلى باقي العالم. تشكل قطر بالنسبة للمملكة المتحدة جزءًا مهمًا من تلك الرحلة المنشودة، ويسعدني أن الحكومة والشركات التجارية هنا في قطر تشاركنا هذه الرؤية. هذا وسيشكل مؤتمر التجارة والاستثمار القطري - البريطاني الذي ستستضيفه المملكة المتحدة في أوائل عام 2017 لحظة مهمة في تقديم هذا الطموح المشترك. إنني على ثقة بأن هذا المؤتمر سيحقق نجاحًا كبيرًا ليعزز بذلك علاقاتنا الاقتصادية والتجارية بشكل كبير ويثبت للعالم أن المملكة المتحدة منفتحة أمام الأعمال التجارية كما لم تكن من قبل، وهو الأمر الذي يعلمه تمامًا شعب دولة قطر.