26 أكتوبر 2025
تسجيل100 يوم مرت على تنصيب قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي رئيسا، وتمكينه من أن يكون "صاحب مصر" كما رأى هو في حلم تحدث عنه ذات يوم، ولكن ما يميز هذه الأيام المائة أنها أيام سوداء، من ضمن ما يزيد عن 440 منذ انقلاب الثالث من يوليو المشؤوم.في هذه الأيام السوداء لم يعرف المصريون إلا تواصل سفك الدماء والقتل والاعتقالات والتعذيب وغلاء الأسعار وتحول الحياة إلى ضنك ومشقة وعذاب، ومصادرة للحريات، وهي الأوضاع التي دفعت منظمات حقوقية دولية مرموقة مثل "منظمة العفو الدولية" و"هيومان رايتس ووتش" إلى وصف الأوضاع في مصر بأنها "حقبة سوداء" وأنها الأكثر بؤسا في تاريخ مصر الحديث، وهي التي سبق أن وصفت مجزرة رابعة أنها أكبر وأعنف وأشرس مذبحة تتم في يوم واحد في التاريخ الحديث.لا يكتفي النظام الانقلابي الحاكم في مصر بالسطو على الإرادة الشعبية، واعتقال ما يزيد عن 42 ألف إنسان بريء يسامون سوء العذاب في معتقلات تفتقر لأبسط الشروط الإنسانية، من بينهم عشرات الصحفيين وعلى رأسهم صحفيو قناة الجزيرة الإنجليزية الذين وصمهم هذا النظام الانقلابي الدموي بأنهم "خلية الماريوت"، ومفهوم الخلية يشير إلى "الإرهاب"، وقد حول هذا النظام مصر إلى أخطر المناطق على الصحفيين في العالم بعد سوريا والعراق.من "الإنجازات السوداء" لهذا الانقلاب الأسود والانقلابيين الطغاة تفاقم تردي الأوضاع المعيشية وتزايد معدلات الفقر والبطالة وتدهور أوضاع الخدمات، خاصة الكهرباء، التي أصبحت مطلبا عزيز المنال، لكثرة انقطاعها، وهو الأمر الذي توج بانقطاع الكهرباء عن العاصمة المصرية وعدد كبير من المحافظات مرة واحدة مما أدى إلى توقف المترو ومحطات ضخ المياه والصرف الصحي عن العمل، وتضرر الأعمال التجارية، وفساد كميات كبيرة من المواد الغذائية المخزنة في الثلاجات.سجل الإخفاقات للرئيس الانقلابي كبير، وهي لا تبدأ من رفع أسعار الوقود إلى أكثر من الضعف، وتحويل حياة الناس إلى جحيم، بل مواصلة "تصحير الحياة السياسية" واعتقال القيادات المعارضة، خاصة من الإخوان المسلمين الذين وصل عدد قادتهم المعتقلين إلى أكثر من 300 شخص، كما أشارت المنظمات الدولية المحترمة، واستخدام القضاء كأداة من أدوات السيطرة على السلطة في البلاد، وإصدار أحكام "قراقوشية" بالإعدام على 529 و 683 في أقل من 20 دقيقة لكل جلسة، الأمر الذي أثار انتقاد الهيئات الحقوقية الدولية والتي وصفت ما يجري في مصر بأنه "مجزرة للقضاء".يضاف إلى هذه الإخفاقات الاعتداء على حرية الإعلام وتحويل وسائل الإعلام في مصر إلى "قطاع ملاكي" لا مكان فيه إلا "للمطبلين" للانقلاب وقائده الجنرال، وتلميع صورته ليل نهار، وبث الأكاذيب وتزييف الحقائق والوعي، الأمر الذي يعكس عملية "تأميم للصحافة والإعلام" في البلاد، التي لم يعد فيها صحيفة واحدة أم محطة تلفزيونية قادرة على عرض الرأي الآخر أو انتقاد النظام الانقلابي.لا تتوقف "الإنجازات السوداء" للنظام الانقلابي في مصر على الوضع الداخلي، بل تعداه إلى الفضاء الخارجي، حيث أعاد نظام السيسي الانقلابي الاصطفافات في المنطقة، ودخل في تحالفات معادية للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، والتدخل في ليبيا لصالح خليفة حفتر الذي يخوض معارك ضد الثوار، وقد ظهر ذلك بإغارة طائرات "مصرية وإماراتية" على مواقع تابعة لثوار ليبيا، مما يورط مصر في الأزمة الداخلية الليبية، وتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية في "حلف الأربعين" في مواجهة "الجماعات الإرهابية المتطرفة" في المنطقة، وهو ما يعني المزيد من التورط في حروب خارجية تطبيقا لنظرية السيسي العسكرية "مسافة السكة"، حيث أبدى استعداده لإرسال الجنود المصريين للقتال خارج مصر.يطول الحديث عن الإخفاقات لقائد "الحقبة السوداء" في مصر، وما أشرت إليه ليس أكثر من العناوين البارزة لعام من الانقلاب و3 أشهر من حقبة الرئيس الانقلابي الحاكم، وهي حقبة لا تحتوي غير الشرور على الشعب المصري والأمة العربية من المحيط إلى الخليج.