20 سبتمبر 2025
تسجيلإذا كانت مناجم الماس والذهب والفضة والحديد بل وحتى الفحم قابلة للنضوب، فإن منجم الاستثمار السياحي لا ينضب، وهو كالحفرة، كلما اخذت منها ازدادت اتساعا، ومع ذلك فإن أثرياءنا في الخليج العربي لم يلتفتوا إلى هذا الكنز، فوظفوا أموالهم في مجالات ربحية أخرى ربما درت عليهم بعض المكاسب السريعة، لكنها ليست دائمة، ودول الخليج العربية تتمتع بإمكانيات سياحية كبيرة لم تستغل ولم يلتفت إليها أحد، واختفت من المنطقة الشركات الضخمة التي تسوق للسياحة، وتحيلها إلى ثقافة عامة يسهم في نجاحها المواطن بنصيب وافر من خلال تعامله مع الوافدين من أجل السياحة، والشركات السياحية الضخمة هي التي تضمن نجاح الاستثمار في المجال السياحي سواء من خلال البرامج السياحية أو إنشاء المدن الترفيهية والقرى الشعبية، أو منشآت الألعاب الضخمة، وهناك دول كثيرة في العالم يعتمد في اقتصادها على السياحة التي تشكل رقما كبيرا في حجم مواردها المالية. وتستقبل معظم مدن العالم على مدار العام، وخاصة في الصيف أعدادا كبيرة من أبناء الخليج العربي أفرادا وعائلات كسائحين، والسائح الخليجي يتميز بسخائه من بين السائحين من كل دول العالم، فإذا كان السائح الأجنبي يرتبط بميزانية محددة في رحلاته السياحية، من خلال مكاتب ووكالات السياحة في بلاده، فإن السائح الخليجي لا يعرف هذا الأسلوب السياحي الاقتصادي إلا ما ندر، وفي معظم الاحيان تكون تكلفة الفرد أضعاف أضعاف تكلفة غيره من الدول الأجنبية، ولعل هذا هو السبب الذي يدفع مكاتب السفر والسياحة في الخليج إلى رفع أسعارها عندما تتعامل مع أبناء الخليج، ولكنها لا تفعل ذلك مع غيره من الجنسيات من الدول الأجنبية، وعندما نقول الدول الأجنبية فإننا بالطبع لا نقصد الدول العربية، وهي أولى بأن يكون السفر لها. هذه الأموال التي ينفقها أبناء الخليج على السياحة سنويا التي تقدر بمئات الملايين، من الأولى أن تنفق في دولهم، وهذا لن يكون ما لم يتم إنشاء بنية أساسية ضخمة للعمل السياحي، من حيث توفير المنشآت الترفيهية، وإعداد الكوادر الوطنية العاملة في مجال السياحة، والاهتمام وبالآثار والأماكن السياحية وهي كثيرة ومهمة في الخليج والجزيرة العربية، ولا ننسى أهمية دور كل مؤسسات الدولة في إنجاح اي مشروع سياحي، ابتداء من الأجهزة الأمنية ومرورا بالبعثات الدبلوماسية في الخارج، والمؤسسات الثقافية والإدارات الخدمية في الداخل، وانتهاء بالمواطن وتعامله مع الأفراد أو المجموعات السياحية، وثمة تجارب في مجال التنمية السياحية عاشتها دول أخرى لها باع طويل في مجال السياحة، ولا ضرر من الاستفادة من تلك التجارب من خلال البرامج المشتركة وتبادل الخبرات وتنسيق الرحلات المتبادلة، والتعاون المستمر لترسيخ تعاون سياحي مثمر مع تلك الدول، إن لم يكن على الصعيد الرسمي فليكن ذلك على الصعيد الأهلي من خلال الشركات والمؤسسات الأهلية العاملة في مجال السفر والسياحة. الأثار والاماكن الطبيعية والمعالم الحضارية كثيرة في دول الخليج العربية، وقد لا نلتفت إليها كمواطنين في هذه الدول، لكنها بالنسبة لغيرنا تشكل أهمية سياحية كبيرة، وخاصة لدى أولئك المغرمين بالسياحة واكتشاف كل ما هو مجهول بالنسبة لهم، ونجاح أي مشروع سياحي في الخليج لا يستحوذ فقط على نسبة من السياح الخليجيين، لكن أيضا يؤسس لجذب سياحي كبير للسياح الأجانب، وللحملات التسويقية السياحية دورها الذي لا ينكر في هذا المجال، ومن يقول ان دول الخليج غير قابلة لأن تكون منطقة جذب سياحي ينسى أن دولا أخرى أقبل الناس عليها لأنها وفرت عوامل هذا الجذب، دون أن تكون مؤهلة لذلك، لكن إصرارها على المضي في مجلات التنمية السياحية المختلفة أتاح لها النجاح في هذا المجال. [email protected]