10 سبتمبر 2025

تسجيل

اتفاق حول آلية توازن سوق النفط

19 أغسطس 2015

لقد استمر سعر نفط خام الإشارة برنت بالضعف عموماً مقارنة بمستويات عالية خلال عام 2014، ودون مستوى 50 دولارا للبرميل خلال شهر أغسطس 2015، إلا أن المعروض من النفط الخام في السوق سجل ارتفاعاً ملحوظاً مقارنة مع مستوى الطلب، حيث ارتفع إنتاج الأوبك من النفط الخام من 30 مليون برميل يوميا في شهر فبراير 2015 إلى 31.6 مليون برميل يومياً في شهر يوليو 2015 أي زيادة مقدارها 1.6 مليون برميل يومياً، غالبها جاء من العراق والذي ارتفع إنتاجه بـ 800 ألف برميل يومياً ليصل إلى 4.1 مليون برميل يومياً خلال شهر يوليو 2015، والسعودية، والتي ارتفع إنتاجها بـ700 ألف برميل يومياً ليصل إلى 10.3 مليون برميل يوميا، حسب مصادر السوق التي تعتمدها سكرتارية الأوبك بشأن تقدير أرقام الإنتاج على أساس شهري. يتفق المراقبون على أن هبوط أسعار النفط خلال الأشهر الماضية قد أسهم فعلياً في تحفيز الطلب العالمي على النفط وفي هذا السياق تأتي توقعات وكالة الطاقة الدولية والتي تتوقع ارتفاع الطلب العالمي على النفط بـ1.6 مليون برميل يوميا خلال عام 2015، و1.4 مليون برميل يومياً خلال عام 2016 يأتي غالبها من آسيا والتي تشهد ارتفاعا من 30.7 مليون برميل يومياً في عام 2014، إلى 31.5 مليون برميل يومياً خلال عام 2015، إلى 32.3 مليون برميل يوميا خلال عام 2016. يتوقع تقرير لبنك باركليز أن معدل تنامي الاقتصاد الصيني يشهد ضعفا ويدور حول 6.8% خلال عام 2015 و6. 6% خلال عام 2016 وهو ما يعني ضعف الطلب على النفط من 390 ألف برميل يومياً خلال عام 2015 إلى 310 آلاف برميل يومياً خلال عام 2016. ويرى البنك أن خفض قيمة العملة الصينية سيكون له تأثير إيجابي على الطلب على النفط الخام للحاجة كلقيم للمصافي ولأن مستوى انخفاض أسعار النفط يفوق خفض قيمة العملة، كما أن خفض قيمة العملة يشجع زيادة تشغيل المصافي واكتساب مستوى أفضل في مبيعات المنتجات البترولية وتصديرها للأسواق الآسيوية، كما ستكون لها أفضلية في التوسع في مبيعات المنتجات البتروكيماوية. ويعتقد المحللون أنه رغم أن إجمالي الارتفاع في المعروض قد قوبل بتعافٍ في مستوى الطلب العالمي على النفط، إلا أن هناك، بلا شك، فائضاً في المعروض قد أسهم في بناء في المخزون النفطي والذي تقدره وكالة الطاقة الدولية مع نهاية الربع الثاني من عام 2015 بحوالي 4 أيام، مقارنة مع الفترة ذاتها في عام 2014 في البلدان الصناعية، ومستوى المخزون مرشح للارتفاع بشكل أكبر خلال الأشهر القادمة في ظل خروج بعض المصافي للصيانة واستمرار ارتفاع الإنتاج. كما أن هناك اعتقادا بأن السوق سيشهد توازنا متى ما بدأ فعليا خفض الإنتاج، خصوصا من خارج الأوبك، ولكن هذا لم يتحقق إلى الآن رغم توقعه خلال النصف الثاني، وتقدر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن إجمالي إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية من النفط الخام قد سجل مستوى جديدا من الإنتاج عند 9.5 مليون برميل يومياً خلال النصف الأول من عام 2015 مقابل 8.7 مليون برميل يوميا خلال عام 2014 أي زيادة مقدارها 800 ألف برميل يوميا، ورغم استمرار خفض في عدد أبراج ومنصات الحفر، حيث انخفضت بـ%60 منذ أكتوبر 2014، إلا أن تحسين كفاءة أبراج الحفر يسهم في رفع الإنتاج بصفة عامة. ولكن توقعات وكالة الطاقة الدولية تشير إلى ارتفاع إجمالي إنتاج النفط الخام الأمريكي بـ880 ألف برميل يومياً خلال عام 2015 و190 ألف برميل يوميا خلال عام 2016، كما تتوقع سكرتارية الأوبك ارتفاعا في إنتاج النفط الأمريكي بـ900 ألف برميل يوميا في عام 2015 و300 ألف برميل يوميا خلال عام 2016، وتتفق الجهتان في انخفاض في إنتاج النفط الروسي بـ100 ألف برميل يوميا خلال عام 2016، وهو ما يشير إلى توقعات حدوث شيء من التوازن السوق خلال عام 2016 وهو أيضاً مرهون بعودة النفط الإيراني للسوق، واستمرار إنتاج الأوبك عند مستويات قريبة من 32 مليون برميل يومياً، هذا رغم توقعات سكرتارية الأوبك في تقريرها لشهر أغسطس بارتفاع الطلب على نفط الأوبك خلال عام 2016 بـ900 ألف برميل يومياً. وعلى صعيد آخر فقد سجل المخزون العائم ارتفاعا ووصل إلى 46 مليون برميل يوميا حاليا وهو الأعلى منذ بدء الحظر في منتصف عام 2012. والضابط لإحداث التوازن وخفض فعلي في إنتاج النفط الصخري يصفع بعض المحللين ومنهم البيت الاستشاري سيرا، هو خفض في أسعار نفط خام غرب تكساس المتوسط دون 45 دولارا للبرميل يوميا لفترة 6 شهور كفيلة بخفض في إنتاج النفط الصخري وإحداث تغيير في السوق نحو مزيد من التوازن. وقد انخفض سعر النفط الأمريكي من 45 دولارا للبرميل مع بداية شهر أغسطس ليصل إلى 42 دولارا للبرميل يوم 14 أغسطس، وترى المصادر إمكانية هبوط الأسعار إلى 40 دولارا للبرميل، مع المحافظة على فروقات تدور حول 5 دولارات للبرميل لصالح نفط خام برنت. وتتوافق آراء المراقبين في سوق النفط حول بقاء أسعار نفط خام برنت دون 50 دولارا للبرميل على الأقل خلال الشهرين القادمين، خصوصا في ظل بعض توقعات الصناعة ومنها فاكتس جلوبال إينرجي أن الفائض حاليا عند 2 مليون برميل يومياً، مع إستراتيجية ترك مستويات الأسعار تحددها السوق النفطية، مما يرجح بقاءها تدور حول 50 دولارا للبرميل في ضوء استمرار ارتفاع الإنتاج من الأوبك وتوقع رفع بعض الأعضاء القدرات الإنتاجية، نجاح النفط الصخري في التأقلم مع أجواء ضعف الأسعار من خلال خفض تكاليف الإنتاج ورفع كفاءة الحفر وبالتالي النجاح في إطالة استمرار المعروض من النفط الصخري كلاعب أساسي في سوق النفط، علاوة على مشاريع تطوير تنجح في توفير نفط جديد. ولعل من المستجدات في السوق هي أن مراكز المضاربين في الأسواق الآجلة هي في أدنى مستوياتها منذ عام 2010 وهذا يعني أمرين، ثبات أسعار النفط وتحركها في نطاق ضيق جداً، ومن جهة أخرى أي أخبار إيجابية جديدة في السوق قد تشجع على نشاط إضافي للمضاربين في اتجاه ارتفاع الأسعار من جديد والشراء لتعزيز المراكز المالية والاستفادة من الفرص في السوق. وفي هذا السياق يتوقع بنك جولدمان ساكس، أن السوق يتجه إلى توازن يتحقق خلال عام 2016، ولكن هذا لا يعني أبداً تعافيا كبيرا في أسعار النفط وذلك في ضوء عدة مستجدات، سواء المتعلق ببناء أوبك قدراتها الإنتاجية، أو توقع بلوغ النفط الإيراني للسوق أو استمرار التباطؤ في تعافي الاقتصاد العالمي.