13 سبتمبر 2025

تسجيل

همجية العسكر في مصر؟

19 أغسطس 2013

أمام الفظائع المريعة التي جرت وتجري في مصر المحروسة وأمام عيون العالم أجمع، وحيث تراقب الدول الكبرى الرافعة للافتات الحرية الكونية والديمقراطية وحقوق الإنسان حمامات الدم المصري المستباح ببلاهة وعجز وتردد، يصبح الحديث عن همجية عسكر وشرطة الدولة المصرية مجرد تحصيل حاصل يؤشر على واقع مؤلم ومتدهور لا حدود لهمجيته التي لم يسبق ما يماثلها من أحداث منذ انقلاب 23 يوليو 1952 والذي جاء بالعسكر ليكونوا المماليك الجدد وليتحكموا برقاب العالمين، وليهشموا مصر العظيمة ويبددوا طاقاتها أمام منافعهم وشهواتهم حتى حولوا الجيش المصري لمؤسسة اقتصادية ريعية كبرى في حالة فريدة بين جيوش العالم الثالث؟، لم نستغرب أبداً وحشية وهمجية الجنرالات وهم يخوضون حربهم الإرهابية ضد شعبهم!، فتلك هي حالة نمطية واعتيادية لجنرالات العالم الثالث ولمواصفاتهم المعروفة والتي تتلخص في السيف والكأس والأنثى!!، ولكننا تعجبنا أشد العجب من جمهور المصفقين لتلكم الجرائم الهمجية والذين يحاولون تغطية سوءاتها وفضائحها بحبال من الأكاذيب المكشوفة والساذجة حتى حولوا الضحية لإرهابي وتحول الذئب الفاشي ليكون حمل وديع! فانظروا وتأملوا وتدبروا كيف يتم تزوير التاريخ والوقائع بأرزقية وتألق وحرفنة وخداع لا مثيل له، رغم أن التكنولوجيا الحديثة قد جعلت المعلومة متاحة للجميع إلا أنهم استغلوا حتى التكنولوجيا البريئة في تسويق الأكاذيب ومهرجانات الدجل المنظم وفق سياقات هي القمة في الحرفنة والنصب والاحتيال! لقد تصورنا بعد مرحلة انهيار الأنظمة الشمولية في الشرق القديم والتي أكلت الأخضر واليابس أن تتمكن الجماهير من فرض إرادتها، وأن تكون المنافسة السلمية وعبر صناديق الاقتراع هي الفيصل في حل الخلافات وتنظيم عملية تداول السلطة، إلا أنه بعد رحيل الحرس القديم تبين بأننا نحرث في الهواء (وكأنك يا بو زيد ما غزيت)! أو طبقا للمثل الشعبي العربي القائل (تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي)!، بل إن الأنظمة القمعية البائدة كانت تحرص على بعض المظاهر الشكلية وعلى عدم قطع شعرة معاوية مع الرأي العام المحلي أو الدولي من خلال تغطية فضائحها وانتهاكاتها خلف الأسوار والسجون ومعتقلات المخابرات!، فإذا بالوارثين من العسكر قد قطعوا حتى تلك الشعرة المتجعدة المتهاوية وباشروا بذبح ذبائحهم البشرية أمام العالمين وببشاعة رهيبة مؤكدين أنهم يحاربون الإرهاب وأهله ويجتثون دابره من خلال اجتثاث الشعب بأسره، بل بلغت بهم الصلافة لدرجة استعانتهم بالبلطجية أو الشبيحة ليكونوا هم البديل الجاهز للقمع في حال تلكؤ الشرطة أو تمرد بعض عناصر الجيش عن أداء مهامهم القمعية!! وتلك خطة شيطانية لم تطرأ على بال الشيطان نفسه!!، وبهذا فقد أثبت جنرالات القمع عن درجة هائلة من التأهيل والتدريب والاستعداد لليوم الموعود وهو يوم الانتقام من الشعب!، من دون شك فإن المرحلة القادمة في مصر تحمل في ثناياها مفاجآت وإرهاصات عديدة ستجعل من وضع الشعب بازا لصيده في مأزق كبير، فالقمع مهما بلغت حدته ودرجته لن يحقق أهدافه وتطلعاته بل سيرتد عارا وشنارا على ممارسيه، ففي النهاية لا يمكن للسيف أن ينتصر على الدم، ولا يمكن للظالم أن يسود على المظلوم، فللباطل جولة وللحق صولة وأي صولة، لقد حاول ضباط 23 يوليو تطويع الشعب المصري وتحويله لخراف جاهزة للذبح، فذهبوا هم وبقي الشعب يصارع البلوى فتصرعه ويصرعها، كما حاول الطغاة عبر التاريخ تبييض صفحاتهم بالأكاذيب فلعنهم التاريخ ولاحقتهم لقبورهم الدماء التي أراقوها، واليوم وأمام مذبحة الشعب المصري المخزية أثبتت الأحداث بأن هذه المؤسسة القمعية لا علاقة لها بالمجاهد أحمد عرابي، ولا تربطها صلة بأولئك الأبطال المصريين الذين سطروا ملاحم الدفاع عن الثغور والوطن وتحرير الأرض المحتلة، إنها مؤسسة فاشية تسير على خطى دكتاتور شيلي البائد (بينوشيت) وتسير على منهجه الدموي في معاكسة واضحة وبائسة لمنطق التاريخ وحركته السائرة دوما لصالح الشعوب الحرة، همجية جنرالات الهزيمة في مصر قد أسفرت عن وجهها القبيح وهي تنبذ كل الخيارات والجهود السلمية وتلوح بالدم والفتك من أجل انتصارات وهمية لن تدوم، وسيلعن التاريخ كل سفاح أثيم.