16 سبتمبر 2025

تسجيل

رفقاً بعيالنا ... تراهم غالين

19 يوليو 2020

تتفاوت ردود فعل الأطفال بسبب المكوث غير المعتاد لمدة طويلة في المنزل في ظروف الحجر المنزلي وقدوم رمضان ودخول العطلة الصيفية وهاهو عيد الأضحى على الأبواب . هذه الخبرة القاسية التي مر بها أغلب أطفال العالم كانت فرصة جيدة لصقل شخصياتهم وتكييف سلوكهم نحو الانتظام . مهما لعب الأطفال في الألعاب الإلكترونية أو أدمنوها خلال هذه الفترة، إلا أنهم يصلون في وقت ما إلى مرحلة التشبع، ويميلون أيضا إلى اللعب الطبيعي، ويشتاقون لحديث الأجداد وجلسة الوالدين، بل ويتمنون أيضا أن المدرسة تفتح أبوابها للالتقاء بالأصدقاء. استمتعت بمشاهدة برنامج في إحدى القنوات الأمريكية عرض ثلاثين نشاطا طفوليا يمكن للآباء أن يمارسوه مع الأطفال أو حتى الأطفال بأنفسهم منها: التراشق بالمخدات الريش، اللعب في الحوش ألعاب " صيدة ما صيدة" أو " غميضة" ، وكذلك وضع جدول زمني للسينما المنزلية ويقطعون التذاكر ويشترون الذرة من مطبخ الأم، ويعملون المسابقات الجماعية كالشطرنج أو " انحش يا الذيب" أو ورق اللعب " البتة" . كثير من الأفكار أيضا يمكن تطبيقها مثل: وجود حصة يومية جماعية للرياضة المنزلية، وكذلك النشاط الزراعي البسيط لأطفال المرحلة الابتدائية، فضلا عن مسابقة المواهب التي يكون الحكم فيها الأبوان في حين يقوم الأبناء بالمرور بمراحل وتصفيات للفوز. لدي صديق مكث على تحفيظ أطفاله جزءا لا بأس به من القرآن خلال نفس هذه الفترة... يا حظه!!! الآباء الذين كانوا أكثر وعيا في مراقبة سلوك أبنائهم وتصرفاتهم منذ شهر مارس 2020 عندما خيم جو الحذر على العالم، هذه المراقبة في كيفية تطور سلوك الأطفال فإنهم سيلاحظون التالي: البداية هلع من الوباء كما كان يفعل غالبية الآباء والأمهات والحرص على الاحترازات الصحية الدقيقة . يلي ذلك استيعاب الصدمة وما تزامن معها من التعلم عن بعد ومشاركة الإخوة الكبار في دعم من هم أصغر منهم. ثم جاءت مرحلة التكيف في شهر رمضان الكريم عندما توقفت جل الأنشطة الرمضانية السنوية والتي أهمها التزاور وتبادل الأطباق وحتى " القرنقعوه". وكلما انتظر الآباء انفراجا لا يقابله بنفس الحدة انتظار من قبل الأبناء لأنهم بدأوا في درجة عالية من التكيف، وأصبحوا يقومون بالترفيه عن أنفسهم بأنفسهم، وبعضهم قدم تنازلات عن حصته في الترفيه للسيد " كورونا " . الشعور بالعزلة التامة لم يتحقق في دولة قطر ـ ولله الحمد - مثلما حصل في كثير من دول العالم أثناء الحجر الكلي. بل إن الحجر الطوعي من قبل الأهالي هنا بسبب وعيهم انتقل تلقائيا إلى الأطفال في البيوت فظهرت لديهم مصطلحات جديدة في التعبير مثل: المعقم القفازات الحجر المنزلي والبحث عن أنواع الأمراض والأوبئة، بل وحتى الذي كان قد تعود على مصاحبة والديه إلى السوبر ماركت فإنه امتنع عن ذلك طواعية . درس رائع لا يمكن أن يعطى في الكتب المدرسية أو يلقن في قاعات المحاضرات. أطفالنا نعم أبطال؛ عاشوا الدرس عمليا واستوعبوه، بل ويستطيعون أن يرووا أحداثه ودروسه في السنوات القادمة. لدى الأسر حاليا ثروة هائلة من رسوم أطفالهم ومقاطع الفيديو التي تبين اختلافا في الأمزجة والطباع ما بين رسائل الخوف والنكت الجديدة والحركات المضحكة وحتى طرق الطهي بيد هؤلاء الأطفال. دخلت يوم الخميس الماضي أحد المجمعات التجارية في الدوحة، لم ألمح مطلقا طفلا واحدا مصاحبا لوالديه، بل كل من رأيتهم من البالغين والذين جاءوا للتبضع المهم أو حتى غير المهم. لكن الملاحظ أن الأطفال لم يكن لهم وجود، هذا يعكس الثقافة الجديدة في الالتزام بالبيت أو الحرص على الصحة العامة، أو الخروج للضرورة القصوى. قد يكون الوقت الحالي مبكرا على الخروج العشوائي للأطفال لمجرد الخروج في ظل حظر السفر خلال هذا الصيف، مما زاد معه البيع الإلكتروني عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي للألعاب وأدوات الترفيه المنزلي، وابتسمت كثيرا عندما رأيت من بين المعروضات (كروت شحن سوني 1 ) وكتب صاحبها عليها سوني الطيبين للبيع ههههه. تقول لي إحدى الأمهات: دخلت على أحد أبنائي في غرفته وهو يتحاور عبر لعبة السوني بلغة إنجليزية طلقة، وهذا لم أكن أعرفه عن ابني، كما اكتشفت مهارات جديدة لابنتي في فنون الطبخ والماكياج والترتيب وهي فقط ابنة الثانية عشرة. كم أنا فخورة بهم. وأنا أقول رفقا بالأطفال في هذا الوقت ولنفتح عينا ونغلق عينا، فنتجاوز عن بعض الأخطاء، فقد تكون قيودهم أكثر من الكبار.. فلا نقسو ولا نطالب بحد السيف. دمتم بود. [email protected]