12 سبتمبر 2025
تسجيلبقدر ماكنتُ حزيناً جداً - كغيري من ملايين المسلمين في مصر بل ومئات الملايين في العالم الإسلامي - عندما وقع الانقلاب العسكري الغادر في مصر على الرئيس الشرعي المنتخب لأول مرة في تاريخ مصر العظيمة بقدر ما تملكتني شحنة من الإيمان بالله سبحانه وتعالى بأن الله سينصر عباده المؤمنين وأولياءه الصالحين وأن الله سيهيئ لهذا الدين من ينصره إن عاجلاً أو آجلاً بعزّ عزيز أو بذلّ ذليل، سواءً بقي الرئيس محمد مرسي في الحكم أو تمت الإطاحة به من قبل فئة خائنة عميلة من الجيش المصري ومن ناصرهم من عملاء الصهاينة والأمريكان ومن دعمهم بماله ومساندته وتأييده من الداخل والخارج، فهذا الدين عظيمٌ خالدٌ لن يزول رغم كيد الكائدين، ولن يُهزم رغم غدر الغادرين بل سينتصر وسينتشر رغم أنوف الجبابرة والطغاة أجمعين. (رب ضارّة نافعة).. نعم إن المؤمن ليرى الخير في كل أمر يصيبه وفي كل شأن يعترضه، فإن كان خيراً فليحمد الله تعالى عليه وإن كان غير ذلك فإنه يصبر ويحتسب ويراجع نفسه ويسدد تقصيره ويصلح ما بينه وبين الله تبارك وتعالى حتى يرى الله منه خيراً وتقوى وترتفع درجة الإيمان في قلبه لتصل إلى ذروة القوة المتينة والمكانة العالية لكي يحارب بها الكفر وأهله والطاغوت وعبدته. من كان يصدّق أن يتحوّل ميدان رابعة العدوية وغيرها من ميادين مصر إلى ميادين يذكر فيها اسم الله كثيراً وأن يبتهل الناس فيها بالدعاء والتضرّع بأن ينصر الله الإسلام وأهله في مصر بل وأن تشهر فيه سيدة مصرية مسيحية إسلامها في واقعة غريبة نظراً لما شهدته مصر والعالم بأسره من حرب واضحة على الإسلام والمسلمين، فلقد شهدت الأحداث السريعة المتلاحقة بعد الانقلاب العسكري الغادر على الرئيس المصري محمد مرسي دلالات واضحة على أن المقصود من ذلك كلّه هو محاربة الإسلام ووصول الإسلاميين بشكل عام لأنهم يطالبون بالعودة إلى تحكيم شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بعد أن عاث الظالمون والفاسقون من الحكّام وأعوانهم في ديار الإسلام فجعلوها مباحة مستباحة للخمور والربا والزنا وسائر المحرّمات ومختلف المنكرات وأقاموا شريعة الطاغوت وحكّموا قوانين هيئة الأمم الجائرة وسائر القوانين الوضعية "الوضيعة" التي ما أنزل الله بها من سلطان وجعلوا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم خلف ظهورهم، ناهيك عن موالاتهم للكفار والمشركين ومعاداتهم للمسلمين والمؤمنين. ما كان لنا أن ندرك مدى تلك الحرب القذرة التي يشنّها المعادون لدين الله لولا أن قام الخائنون في الجيش المصري بالانقلاب على الرئيس الشرعي محمد مرسي، فلقد انكشفت لنا مدى حقارة تلك الوسائل الخبيثة التي ينتهجها أعداء الأمة من خلال شراء الذمم والضمائر بل وبيع الأوطان، فعندما عجزوا أن يقفوا في وجه أصوات من يريدون العودة لتطبيق شرع الله وفوجئوا برغبة عموم الناس في اختيار حاكم مسلم عادل يخاف الله.. هنا استشاطوا غضباً وحقداً فأخذوا يتخبطون يمنة ويسرة لحماية مصالحهم ومصالح أسيادهم من أعداء الأمة، لأنه بوصول الإسلاميين للحكم سيتغير الواقع المهين الذي تعيشه بلاد الإسلام، وسيؤمر فيها بالمعروف وينهى فيها عن المنكر، وستحرّم الخمور والزنا والربا تطبيقاً لحدود الله وستحارب سائر المحرّمات والمنكرات، وستتوقف الرشى والعمولات وأكل أموال الناس بالباطل ودون وجه حق، وستوزّع الثروات على المواطنين بشكل عادل ومنصف وسيؤخذ للفقير المظلوم حقّه من الغني الظالم وسيعم الخير وينتشر العدل والإيمان.. كل ذلك بالتأكيد لن يعجب أعداء هذا الدين في الخارج والداخل – ممن يزعمون بأنهم مسلمون - وسيكون وبالاً على الذين يعيشون ويقتاتون على سرقة أموال الناس بالباطل ويستأثرون بها ويخصّون بها أبناءهم وأسرهم الحاكمة وأتباعهم وبطانتهم الفاسدة من الذين يحكمون بأهوائهم وشهواتهم ويتبعون الطاغوت ويوالون أعداء الله من الكفار والمشركين. (رب ضارة نافعة).. نقولها ونقول الأفضل منها (فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) صدق الله العظيم.. نعم لقد أبصرنا "الخير الكثير" من هذا الانقلاب العسكري الظالم على الرئيس محمد مرسي، فلقد وقع المجرمون في شرّ أعمالهم وكشف الله سترهم وفضحهم على الملأ بما لايدع مجالاً للشك في عدائهم للإسلام وتواطؤهم على بلاد المسلمين، فأمريكا بدت أكثر قبحاً وتبجحاً في نفاقها المعهود حيث أظهرت حرصها على أمن مصر وشعبها بينما هي التي أثارت الفتنة وأيدت بل وأمرت أذنابها في الجيش المصري بالانقلاب على الرئيس محمد مرسي لتزيح من طريقها كل من يعلن الجهاد أو نصرة إخوانه المسلمين بل وكل من يعتزّ بدينه ويظهر التزامه به، أما الجيش المصري فقد تعرّى فيه الذين كانوا يدّعون حماية وطنهم فإذا هم يحمون أسيادهم الأمريكان والصهاينة أكثر من دفاعهم عن وطنهم، أما أدعياء الحرّية والديمقراطية فقد كشف الله عمالتهم وخيانتهم بعد أن نصّبهم الأمريكان في حكومة مؤقتة مدفوعة الأجر ومنتقاة مسبقاً من الذين أظهروا ولاءهم وسمعهم وطاعتهم للأمريكان مثل المدعو محمد البرادعي وزمرته، كما كشف لنا هذا الانقلاب العسكري تواطؤ بعض المحسوبين على العلماء من علماء الأزهر الذين ظهروا مع عبدة الصليب وقت تسليم الحكم وفق المسرحية التي أعدتها لهم أمريكا أو كما يدّعون بـ"خارطة الطريق"، كما كشف لنا هذا الانقلاب خطأ بعض الإخوة وضلالهم الطريق "هداهم الله" ممن ادّعوا "السلفية" فتعاونوا ضد إخوانهم المسلمين وخذلوهم وكانوا سبباً في أن يؤتى العدو من جانبهم بعد أن أغراهم أعداء الأمة بالمناصب وبالمغريات، كما كشف لنا اعتراف بعض الأنظمة التي دعمت هذا الانقلاب بالمال والتأييد من الخارج وفضحت نفسها بمباركتها العاجلة للرئاسة الجبرية!! وفرحها بعودة النظام القهري الاستبدادي لشعب مصر. إن وراء هذا الانقلاب العسكري المستبد عدة رسائل غير مباشرة جاءت فاضحة لكل من اشترك فيه، أولها أن مدعيّة الديمقراطية في العالم "أمريكا" هي نفسها تدعم الديكتاتوريات وتؤيد ظلم الحكاّم لشعوبها وخاصّة إذا كان ذلك في مصلحة حبيبتها "إسرائيل"، وثانيها أن تلك الأنظمة التي باركت هذا الانقلاب هي نفسها تؤيد أن ينقلب الجيش على الحاكم! كما أنها تؤيد خيانة قادة الجيش لأوطانهم وكأنها ترضى لنفسها بطريقة تغيير الحكم هذه في بلادها!، وثالثها أن المصريين الذين أيدوا هذا الانقلاب على الشرعية وأيدوا تكميم الأفواه وإغلاق القنوات الإسلامية بعد عزل الرئيس محمد مرسي كما أيدوا عودة الإعلام الكاذب والقضاء الفساد والجيش المستبد فإنهم بذلك يحكمون على أنفسهم بنفسهم بمعنى أنهم قد أظهروا خيانتهم ونفاقهم فحريّ بأي حكومة وأي حاكم مسلم بعدها أن يُحكّم فيهم شرع الله أو ينفوا من الأرض خيانة لهم لدينهم ووطنهم، ورابعها أن الإسلاميين الذين هيأ الله لهم حكم مصر بعد هذه السنين الطوال من الظلم والقهر حريّ بهم ألا تأخذهم في الله لومة لائم بعد كل ما حدث، فلقد قال الله تعالى لنبيه يحيى (خذ الكتاب بقوّة) ليبدأ في تنفيذ أوامر الله وحكمه دون تردد ودون تلكؤ فلا يخاف في الله لومة لائم، فإن كان للإسلاميين كرّة – وستكون بإذن الله بعد عودة الرئيس محمد مرسي قريباً إن شاء الله – فلايجب عندها أن يتهاونوا مع الخونة من عناصر الجيش أو الفاسدين من القضاة أو الكاذبين من الإعلاميين أو الفاسقين من أهل الفن حتى يتطهّر المجتمع والدولة منهم ومن أمثالهم. أخيراً نقول كما قالت أمنا "أم المؤمنين" خديجة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم "والله لا يخزيك الله أبداً" مطمئنة له، نقولها "اقتباساً لا تشبيهاً والعياذ بالله" للرئيس محمد مرسي – الحاكم المسلم الحافظ لكتاب الله والمحب لوطنه والمدافع عن حق الفقراء والمظلومين في مصر ولا نزكي على الله أحداً - ولكل من آمن بالله ورسوله وعمل صالحاً وجاهد لأن تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى.. والعاقبة للمتقين.. ولينصرن الله من ينصره.. والحمد لله رب العالمين.