16 سبتمبر 2025

تسجيل

مراقبة النفس

19 يونيو 2017

قال الحسن البصري: "المؤمن قوَّام على نفسه، يحاسب نفسه لله عز وجل، وإنما خفَّ الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شقَّ الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة".فالمؤمن هو من يملك نفْسًا لوَّامة، نفْسًا تُلِحُّ عليك في الاستغفار، تطلب منك أن تتوب إلى الله، فتحاسِبَ نفسك، على مأكلها ومشربها وإلى أين تذهب؟ ومن أين ربحك؟ وفيمَ تتاجر؟ وإلى أين تسافر؟ ومن أين تعود؟ وما الشكل الذي تلقَى اللهَ به؟ وما العمل الذي تُعِده لقبرك؟ فقبرك صندوق العمل الذي سيبدأ حسابُكَ منه، وأن تفكر في كل ذلك وتفكر في كل شأنك وكل حركاتك فهذه هي المحاسبة والمراقبة. وهذه المراقبة تكون في رمضان وغيره، وتبدأ بأن تعبد الله حقًّا، فتعيد حقوق الناس إليهم، وتجتهد في الطاعة وتترك المعصية، وتزهد في دُنياك فالدنيا فانية لا تبقى لأحد. وإن مراقبة النفس ومحاسبَتها تكون على شكلين:محاسبةٌ قبل العمل: وتختص بأن ينظرَ كل إنسان منا في هذا العمل، فهناك أعمال مكتوبة على الإنسان ومفروضة مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج لمن استطاع، وهناك أعمال غير مفروضة على المرء، ففي الأولى يجب على الإنسان أن يفعلها بلا تردد أو توانٍ، وفي الثانية عليه أن ينظر لهذا العمل ويُقيِّمه أفي ذلك العمل خير له في دينه ومعاشه وعاقبة أمره، أم فيه شر له في دينه ومعاشه وعاقبة أمره؟! فإن كان خيرا أقبل عليه، وإلا فعليه أن يجتنبه، وعليه أن يراقِب نيَّته أيضا فكل عمل لا بد أن تنوي فيه طاعة الله، أو تقوية جسدك للقيام بطاعة الله، فكل الأعمال تؤول إلى الله في النهاية.محاسبة النفس بعد العمل: وهي ثلاثة أنواع:النوعُ الأول: محاسبة النفس على طاعاتٍ قصَّرَتْ فيها.كترك بعض الصلوات أو السهو في بعضها وعدم الخشوع خلالها، وعليك حينئذ أن تُكمِل ما نقصك في الطاعات وتُصلِح أخطاءك، وتتوب إلى الله، وتُكثِر من استغفارك له.النوعُ الثاني: من أنواع محاسبة النفس بعد العمل أن يحاسبَ نفسَهُ على كلِّ عملٍ كانَ تركُهُ خيرًا من فعله؛ وهذا يخص المتشابه من الأمور، أي ما التبس على ذهنك أحلال هو أم حرام؟، وفي مثل هذه الأعمال يُفضَّل أن تترك العمل الذي تخاف منه، خشيةً لله وخوفًا منه، فلا توقع نفسك في المتشابهات التي تلتبس عليك بين الحل والحرمة.النوع الثالث: المحاسبة على الأمر المباح، وهذا من تمام الإيمان وقوته، فأنت تحاسب نفسك على ما أحله الله لك، هل قمت به لله؟ أم أردتَ أن يُقال عنك فعلتَ أو توصف بوصف حَسَن أو أي غرض آخر، والأغراض متعددة وكثيرة؟فراقبوا أنفسكم وأفعالكم وأقوالكم وحاسبوها قبل أن تُحاسَبوا، فتفوزوا برضا الله في الدارَيْن إن شاء الله.