31 أكتوبر 2025
تسجيلإن الروابط بين الناس كثيرة والصلات التي تصل بعضهم ببعض متعددة ، فتوجد رابطة القرابة ورابطة النسب والمصاهرة ورابطة الصداقة ورابطة الجوار، وغيرها من الروابط التي يقوى بها المجتمع وللجار في هدي النبي صلى الله عليه وسلم من خلال آداب الإسلام وقيمه حرمة مصونة وحقوق وآداب كثيرة لم تعرفها قوانين وشرائع البشر ،فما أجمل أن يعمر الإنسان نفسه بالطاعة والذكر في هذه الأيام الطيبة أيام الصوم والعبادة ويبني أفراد أسرته على أسس القرب والطاعة، فقد كان حال الناس في الجوار قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كما وصف جعفر بن أبي طالب بقوله إنا كنا أهل جاهلية وشر نقطع الأرحام ونسيء الجوار، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فرفع قيمة حسن الجوار ،وأعطى للجار حقوقا كثيرة ساعدت في قوة وسلامة المجتمع وإرساء قواعد المحبة والأمن والتعاون بين أفراده ،فما أحوجنا إلى الاقتداء بالهدي النبوي والاقتباس من هديه وسنته في حياتنا كلها عندئذ يكون هذا الإنسان جديرا بحق بأن يكون وكيلا عن الله في الأرض يقيم فيها موازين العدل ،ويرسي دعائم الحق ويزرع الخير الذي تعود ثمرته على الآخرين، وهذا ما ينبغي على هذا الوكيل أن يفعله إلى آخر نفس في حياته وإلى يوم القيامة.فإن الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان وفضله على كثير ممن خلق فاستخلفه في الأرض يعمر ويبني ،يتمثل فيها الجميل من القول والفعل ويعيش مع الخلق الحسن فيسير عليه فيكتب الله له الفلاح في الدنيا والآخرة ،لذا تتبوأ الأخلاق الإسلامية مكانة عالية ومنزلة رفيعة عظيمة ،فحسن الخلق هو الدين كله وهو جماع لكمال الإيمان لذلك جعل رسولنا صلى الله عليه وسلم الغاية الأولى من بعثته والمنهاج المبين في دعوته هو ترسيخ مبادئ الأخلاق في نفوس الأمة فوضع المنهج للأمة في قوله (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على توكيد هذه المبادئ العادلة ،حتى تعلمها أمته جيدا فلا تهون لديها قيمة الخلق وترتفع قيمة الامتثال في أنفسهم فعن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وأشرف المنازل وأنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة في جهنم ) رواه الطبراني ،ولكن بعض المنتسبين إلى الدين قد يستسهلون أداء العبادات المطلوبة ويظهرون في المجتمع العام بالحرص على إقامتها وهم في الوقت نفسه يرتكبون أعمالا يأباها الخلق الكريم والإيمان الحق، فالصائم الذي استنار قلبه وعقله بهدي الدين الحنيف وسار على هدي النبي صلى الله عليه وسلم سمحا مع جاره حسن العشرة معه لطيف المعاملة لا يمنعه من الاستفادة من بيته إن احتاج إلى شيء من ذلك مستهديا بهدي الإسلام وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره )متفق عليه، ولا ينسى هذا المسلم الحق أن يتعهد جيرانه المعسرين كلما انبعثت روائح الثراء والنعيم وهم غير قادرين على تحصيله، فلقد جعل الإسلام من سعادة المرء الجار الصالح فهو مبعث سعادة وطمأنينة، وفي هذا ورد عن النبي أن رجلا قال له : يا رسول الله (إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقاتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها فقال: لا خير فيها هي في النار، ثم قال يا رسول الله إن فلانة تصلي المكتوبة وتتصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي أحدا فقال رسول الله: هي في الجنة ) رواه أحمد ،وتبلغ وصية الرسول الكريم بالجار حدا من الأهمية والخطورة يجعل الإحسان إليه والتنزه عن أذاه علامة من علامات الإيمان بالله واليوم الأخر ونتيجة حتمية من نتائجه الحسان.