14 سبتمبر 2025

تسجيل

غياب الإستراتيجية الواحدة

19 يونيو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في الأخبار أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بصدد إعادة تشكيل حكومة وطنية سياسية بعد إخفاق حكومة رامي الحمد الله في حل الملفات السياسة العالقة. ولا نذيع سرا عندما نقول إن السياسة الفلسطينية قائمة على التنافس على السلطة بين الفصيلين الأهم في الساحة الفلسطينية وهما حماس وفتح، وهم بذلك لا يختلفون عن بقية القوى السياسية في أي بلد أخرى بما فيهم إسرائيل المجاورة، غير أن هذا التنافس الصحي لا يجري تحت سقف إستراتيجية وطنية متفق عليها وهذا بدوره يضعف من قدرة المجتمع الفلسطيني السياسي على صناعة الفرق في الصراع مع إسرائيل.قبل أيام قليلة استبعد وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون حل الدولتين على اعتبار أنه غير قابل للتطبيق ضمن أي اتفاق تسوية سياسية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ويرى يعلون أنه فكرة الانفصال التام بين الفلسطينيين والإسرائيليين هي غير واقعية على حد تعبيره. والمفارقة أنه طالب بذات السياق طالب التوسع في ممارسة النشطات الاستيطانية! مرة أخرى، لا يتوانى الجانب الإسرائيلي في توجيه الرسالة تلو الأخرى للفلسطينيين وإلى العالم بأن إسرائيل ماضية في سياسة استيطانية بصرف النظر عن كيف يمكن لهذه السياسة أن تقوض فكرة حل الدولتين.وعودة على بدء، حكومة الوفاق الوطني التي شكلت قبل عام لم تنجح في التقدم قيد أنمله ولم تقرب الشعب الفلسطيني إلى الانعتاق والتحرر، وهنا لا نلقي اللوم على الطرف الفلسطيني بطبيعة الحال لأنه جارهم الإسرائيلي لا يشعر بحاجة الحل وهو أي الطرف الإسرائيلي يشعر بأن ما يجري في الإقليم من حروب ونزاعات وتفكيك يوفر بيئة مناسبة للتملص من استحقاق حل الدولتين. لكن الجانب الفلسطيني على الأقل يتحمل مسؤولية استمرار الانقسام على أرض الواقع والسبب ربما يعود لعدم الاتفاق على إستراتيجية وطنية يتنافس تحتها كل القوى السياسية.ولنكن أكثر حدة ونقول إن الجانب الإسرائيلي يسعى إلى تكريس الانقسام عبر التعامل مع إقليمين فلسطينيين متنافسين، وأكثر من ذلك يرى بعض الاستراتيجيين الإسرائيليين أن الحل يكمن في إقامة دولة فلسطينية في غزة فقط، ولهذا السبب تضع إسرائيل شتى أنواع الاشتراطات على السلطة الفلسطينية لتمنع عباس ومن معه من التعامل الجدي والإيجابي مع حماس. فإسرائيل تريد عباس قادرا على قيادة الفلسطينيين لكن في الوقت ذاته تريده ممتثلا لرؤية إسرائيل في الحل! والرئيس عباس لا يمكن له أن يكون رئيسا قادرا على تعبئة الشعب الفلسطيني خلف مقاربة الخنوع لمطالب إسرائيل، بمعنى آخر إن من أضعف الرئيس عباس هو السياسية الإسرائيلية التي مازالت تبحث عن شريك فلسطيني يقبل بأنصاف الحلول كحلول نهائية!التهديدات التي يطلقها الرئيس عباس بأنه سوف يلاحق إسرائيل قضائيا في المحافل الدولية ربما دفعت إسرائيل إلى البحث عن حلول أخرى لا يكون عباس فيها شريك، ويجري الآن الحديث عن تهدئة طويلة الأمد بين حماس وإسرائيل يجري التحضير لها خلف الكواليس، وستكون التهدئة مقابل فتح المعابر وإقامة ميناء عائم على أن تتم مراقبة الميناء دوليا. ولا يمكن فهم هذه الخطوة الإسرائيلي إن ترجمت إلى واقع إلا في سياق تكريس الانقسام الفلسطيني الداخلي عبر التأسيس لكيان سياسي مستقل في غزة على النقيض من السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، والمشكلة بطبيعة الحال ليست مع رفع الحصار لأنه حصار لا يقبل به عاقل لكن مع المغزى من الأفكار الإسرائيلية وانسجامها مع خطط إسرائيلية لخلط الأوراق وتغييب حل الدولتين أو للدقة لمنع الفلسطينيين في الضفة الغربية من تحقيق حلم الدولة المستقلة والمتواصلة جغرافيا.ومن دون الدخول في تفاصل القرار السياسي لحركة حماس إلا أن التهدئة طويلة الأمد وإقامة ميناء سيفضي بشكل أو بآخر إلى تحويل حماس إلى لاعب سياسي يحتاج للتهدئة في المستقبل حتى يتمكن من إدامة قبض يده على السلطة في غزة، بمعنى أن هناك محاولات تجري لتدجين حماس وإبعادها عن إستراتيجية المقاومة التي في حينها لن يبقى منها إلا الجانب اللفظي. واللافت أن هناك الكثير من الإسرائيليين الذين يصرحون بأن سيطرة حماس على قطاع غزة يخدم الأمن الإسرائيلي على اعتبار أن حماس هي وحدها من يمكن له أن يضمن الهدوء والأمن.لكن السؤال المطروح هو لماذا انساقت السلطة الفلسطينية طوال الأعوام الماضية في لعبة إقصاء حماس؟! ألم يكن من الأفضل لو امتلك الرئيس عباس الرغبة في ردم هوة الخلافات مع حماس في حينها قبل أن يصبح الانقسام أمرا واقعا؟! مرة أخرى، نقول إن هناك محاولات تجري لتكريس الانقسام بين الإقليمين وهناك من بين الإسرائيليين من يعتقد بأن هذا سيكون توطئة لإقامة دولة فلسطينية في غزة وإيجاد نوع من الحكم الذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية أو إلحاق الأخيرة إلى الأردن. وربما علينا أن نعود لما كتبه غيورا ايلاند في عام 2008 عندما اقترح حلا إقليميا كبديل عن حل الدولتين يتم فيه إلحاق الضفة الغربية إلى الأردن على اعتبار أن فرص حل الدولتين لم تعد قائمة!.