29 أكتوبر 2025
تسجيلتطرقت في مقال سابق لحقوق المرأة إلا أن قضية العنف الذي يمارس ضدها في غالب المجتمعات تستحق أن نتوقف عندها، وعلى ما يبدو أن هذا العنف ظاهرة دولية تطلبت تنظيم مؤتمرات وفعاليات من أجل إيجاد حلول مثالية لها، على نسق ما اختتم أخيرا في العاصمة البريطانية لندن للقمة التي بحثت العنف ضد النساء، وأصدرت بروتوكول عالمي ضد العنف.العنف يرتبط بفكرة ذهنية سلبية لدى المجتمعات، وحين يتم التخلص من تلك الفكرة تعود الحقوق ويقصى العنف، وفي الواقع تراجع العنف دلالة على ارتقاء السلوك الحضاري، وتطور النمط الاجتماعي البشري واكتسابه مزيدا من الاحترام للمرأة، وفي تلك القمة دعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى وضع العنف ضد النساء في كتب العصور المظلمة، وذلك دقيق لأن الردّة العقلية في نظرتنا للمرأة أصبحت تتراجع بها إلى تلك العصور التي لا تقيم وزنا للمرأة أو تضعها الموضع اللائق بها في الخرائط الاجتماعية.خروج المرأة من دوامة العنف وسلبية الاستعلاء الذكوري عليها يتطلب جهدا مضاعفا منها تكتسب من خلاله الحضور القوي كفاعلة اجتماعيا وتنمويا ومشاركة في صنع القرار، ومن عدم الإنصاف أن تظل المرأة في دائرة استصدار قرارات وتشريعات حامية لها أسوة بالأطفال، في إشارة لضعفها وقلة حيلتها، والثابت أن كثافتها السكانية تنمو أكثر من الرجال، وكثير من المجتمعات يغلب عليها النساء، فيما يتفوقن علميا وفكريا وإبداعيا، وذلك أمر يدخل ضمن مسيرة الألف ميل التي ينبغي أن نكون على مشارفها الختامية وليس أولها.في تعاليمنا الإسلامية أوصى رسولنا الكريم في خطبة الوداع بالنساء، وأنه ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم، وبحسب تلك القواعد والمبادئ فإننا ينبغي ألا نشغل أنفسنا بمثل هذه القضايا لأننا تجاوزنا بتربية وخلق ديني قويم منذ مئات السنين، وعودتنا إلى المربع الأول تكشف عن خلل في بنيتنا النفسية والعقلية تتطلب المراجعة وإعادة النظر في سلوكياتنا، لأنه ما من أخطاء في نظامنا الديني الذي يهدينا ونهتدي به، وإنما فيما استجد على أعرافنا وقيمنا الاجتماعية وهو ما يدعو إلى إعادة النظر واستعادة رؤيتنا وفكرنا الاجتماعي تجاه المرأة لأنها جديرة بكل احترام وتقدير، والعنف ضدها لا يزيد الرجل رجولة وإنما ينتقص منه ومن رجولته.