18 سبتمبر 2025
تسجيلطبيعة البشر تحب الوجوه المبتسمة البشوشة المليئة بالحياة والتفاؤل صاحبة الكلمة الجميلة الإيجابية وتنفر من تلك الوجوه العابسة، فما بالك أن تكون الابتسامة وظيفة تستوجبها العلاقات العامة ومكاتب الاستقبال وغيرها من الوظائف المباشرة مع الجمهور، هنا تتحول (الابتسامة) من طبيعة إلى ضرورة يجب أن يلتزم بها ويُدرب نفسه عليها الانسان مهما كانت الظروف من حوله. بعض الصدف التي تصنعها الظروف تجعلنا في مواجهة مع نوعيات من البشر، نأتيهم أو تدفعنا الحاجة للوقوف أمامهم وعلينا أن نتحمل بعض الأحيان أمزجتهم السيئة والمضطربة وأساليبهم الباردة والمستفزة فقط لننتهي من ما نحتاجه منهم، ولكن ليس الجميع لديه هذه الطاقة من الصبر وليس الجميع يستطيع أن يتحكم في أعصابه (فالحلم) صفة نادرة في مجتمعات غيرتها السرعة وشكلت نمط حياتها الجديد، وعوازل الاسمنت التي جففت المشاعر وأوجدت طباعاً جديدة تشبه طباع الزمن القاسي، ولكن أليس من المفترض أن يكون هذا العكس أي أن العميل ليس مضطراً ليتماشى مع أمزجة من يقبعون خلف المكاتب لخدمة الناس؟! طبعاً هذا ما يفترض! إذاً لماذا نرى البعض يضاد هذا، أليست الابتسامة خُلق أمرنا به رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، واخبرنا أنها صدقة لو قمنا بها كما يجب وكما يحب الله سبحانه وتعالى، ولكن للأسف كثيرا من البشر يحمل اسلامه في هويته وليس في خُلقه. ذات نهار كنت أقف أمام أحد مكاتب الاستقبال في إحدى المؤسسات الهامة والتي تخدم كل شرائح المجتمع من المواطنين والمقيمين، في انتظار قريبة لي. وجدت نفسي أراقب موظفة الاستقبال التي لفتت نظري بأسلوبها غير المهذب في التعامل مع بعض المراجعين من (الضعاف) الذين لم يكونوا يتكلمون بالعربية ولا يفهمونها، كان يسألها ضائعاً عن معلومة ما وكانت تشير بيدها بطريقة غير لائقة بأن يتجه إلى جهة ما، هي لم تفهم سؤاله لأنها لم تكن تعرف الإنجليزية، فقط عرفت أنه يتحدث عن إدارة ما فاكتفت بالإشارة إليها، كرر سؤاله فرفعت صوتها وتحدثت وهي تقلل من وقوفه أمامها مكتفية بالإشارة إلى الجهة الأخرى، ذهب ولم يسمع تعليقها السخيف واستهزائها بلكنته، ببديهية عرفت أنها غير مؤهلة لهذا المكان وأنها وُضعت لتعبئة وظيفة وليس لخدمتها، وتساءلت هل الواسطة هي التي تدفع بأن نضع غير المناسبين في الأماكن التي تحتاج إلى التخصص والمهارة بالأخص كالتي تتعامل مع الجمهور، أم أنها قصور من إدارة المؤسسة التي لم تؤهل هذه الموظفة وغيرها عن طريق الدورات والورش في فن التعامل، وطبعاً كلها أسباب واردة، ستتسبب بشكل أو بآخر بعكس صورة سلبية عن ثقافة البلد للغرباء الذين تحملهم الصدف للوقوف أمام البعض من هؤلاء الموظفين، وبخطأ من الممكن أن يُتدارك تتشوه ثقافة البلد والأهم صورة ديننا وهذا بجهلنا وسلوكياتنا غير اللائقة أو المؤهلة. فن التعامل مع الجمهور ليس بالمهمة أو المهنة السهلة لأي كان بامتهانها فهي تحتاج إلى الكثير من المهارات التي من أهمها إجادة التعامل مع مختلف أصناف البشر والتماهي مع طبائعهم واحتياجاتهم. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. المسؤولية دائماً تجاه الدين والوطن والإنسانية تفرض علينا أن نكون ملتزمين بها، ولكن هل الجميع يدرك ويشعر بهذه المسؤولية، للأسف وكم هذا محزن (لا).