15 سبتمبر 2025
تسجيلقبل فترة أرسلت لي أختي مجموعة من الصور العائلية لرحلة سابقة إلى مدينة "اسطنبول" التركية.. فاستمتعت وأنا أرى الصور ..الواحدة تلو الأخرى.. لأتذكر كل اللحظات الجميلة والذكريات التي لا تنسى.. وبعد انتهائي من تصفحها، قالت "دورك الآن، بأن ترسلي ما لديك من صور" ..فبحثت في جهازي وتفاجأت برؤية عدد محدود من الصور العائلية، والباقي عبارة عن مطاعم، مقاه، شوارع، متاحف، أسواق .. بدون أي يكون فيها أحد.. فوبخت نفسي كثيراً على اهتمامي بتصوير الجمادات أكثر من البشر، لنشرهم في انستغرام. عندما أرى ألبومات صور أصدقائي الأوروبيين والآسيويين والأمريكان والاتيينين، أرى صورا مليئة بالابتسامات والأماكن المميزة حول العالم التي تجمع كل العائلة أو الأصدقاء بصورة واحدة، وحين آخذ جولة في الكثير من الحسابات في مجتمعاتنا، أرى فناجين القهوة والأكواب وطاولات المطاعم والحقائب والسيارات والمشتريات ..أرى كل شيء تقريباً، إلا أصحاب هذه الذكريات. أصبحنا نأكل الطعام بعد قضاء الكثير من الوقت لتصويره من كل الزوايا، ونُفضل المطاعم على أكل البيت لتصوير أطباقه ووجباته، ونُحب الخروج لأماكن مختلفة نريدها أو لا نريدها حتى نشارك يوميات جديدة لا يمل منها المتابعون ..هل مازلنا نعيش من أجل أنفسنا، أو أصبحنا نعيش من أجل غيرنا؟ أصبح من الطبيعي أن يعرف الغرباء أوقات نومنا واستيقاظنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي، قبل أن يعرفها من يسكن معنا في نفس المنزل ..أصبحنا عبيداً لمواقع التواصل الاجتماعي، التي قطعت اتصالنا بالحياة الواقعية التي بدأت بالتبخر أمامنا. أصبحنا نتقابل مع أصدقائنا وننشغل في التصوير ومشاركة ما نفعله، وننسى أن نترك هواتفنا على جنب لنتحدث معهم، لتتصل أعيننا بأعينهم، لنرى ابتساماتهم، وطريقة حديثهم، وملامحهم ونبرة صوتهم ونحس بمشاعر حزنهم وفرحهم. من الصعب أن نعيش كما كنا قبل وجود كل هذه المواقع الاجتماعية، ولكن نحتاج أن نوازن حياتنا ..أو على الأقل، أن نعيش اللحظة مع أحبابنا ونصورها ونوثقها لأنفسنا، قبل أن نشارك أي شيء آخر في حساباتنا بمواقع التواصل الاجتماعي ..فالغرباء لن يتذكروا رحلاتنا وذكرياتنا بعد عشر سنوات، ولكننا سنحتاج إلى هذه الذكريات لتوثيق أجمل اللحظات التي لا تُعاد مرة أخرى.