16 سبتمبر 2025

تسجيل

إعدام مرسي.. إعدام مصر

19 مايو 2015

يشد نظام السيسي الانقلابي الوثاق حول رقبته يوما بعد يوم، بسبب فشله سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، لكن الفشل الأكبر هو دفع المجتمع نحو المزيد من الاحتقان والتفجر، وزرع الفتنة والشقاق بين أبناء المجتمع الواحد، الذين انقسموا إلى شعبين يعبدون ربين مختلفين كما تقول الأغنية الشهيرة التي يحبها الانقلابيون وهي "انتو شعب وإحنا شعب.. ليكو رب ولينا رب"، وهي واحدة من أسوأ الأغاني التي عرفها التاريخ العربي، لأن النظام الانقلابي لا يعيش إلا على التفرقة والتخريب والدمار.إلا أن أبشع وأفظع ما يقدم عليه هذا النظام الدموي الانقلابي هو "حفلات الإعدام الجماعية" التي طالت حتى الآن أكثر من 1500 مصري من الشرفاء الذين يعارضون الانقلاب، وهي حفلات سوداء لإراقة الدماء في تمثيليات هزلية تافهة تسمى محاكم على حد وصف منظمة العفو الدولية.هذه المحاكم الهزلية طالت جميع رموز ثورة يناير، وحكمت بالإعدام على الرجال الذين أفرزتهم هذه الثورة وعلى رأسهم بالطبع الرئيس الشرعي المدني المنتخب الدكتور محمد مرسي، الذي أطيح به في انقلاب عسكري بزعامة عبد الفتاح السيسي، مما يعني محاولة من قبل السيسي وانقلابييه للإجهاز على ثورة يناير بالكامل، وهي مؤامرة واضحة للعيان ولا تحتاج إلى إثبات أكثر من هذه "وجبات الإعدامات الجماعية".هذه الأحكام "القراقوشية" التي حكم فيها بالإعدام على شهداء وأسرى فلسطينيين في معتقلات الكيان الصهيوني، وأناس لم تعرف أسماؤهم، من قبل محكمة غير مختصة ولا يتوفر فيها أي شرط من شروط المحاكمات النزيهة، وتقضي بإعدام 108 أشخاص في تهمة هروب من السجن، وهي عقوبة لا تتناسب أصلا مع الجريمة، فعقوبة الهروب من السجن ليس الإعدام بأي حال من الأحوال، رغم تداعي هذه التهمة من الأساس.السيسي والجنرالات الانقلابيون يريدون الإجهاز على الإخوان المسلمين، وهي محاولة فشل فيها كل الذين سبقوه، وهو بهذا يعمل على تسويق نفسه لدى الغرب عبر دور وظيفي هو "مكافحة الإرهاب والإرهابيين" والمحافظة على المصالح الغربية وعلى رأسها بالطبع أمن الكيان الصهيوني، وتجريم ثورة يناير وكل رجالها.المواجهة بين العسكر الانقلابيين وبين الثوار المعارضين للانقلاب مفتوحة والحسم فيها، بإذن الله، للثورة، فهي مواجهة بين سلاح العسكر وغطرستهم وبين قدرة الثوار على الحشد في الشارع، مما يعني أن النتيجة صفرية، وهي إلغاء الانقلاب بالكامل ومحاكمة المتورطين فيه، كما حدث في تركيا ورواندا وغيرها من البلدان.السيسي يدرك أنه خاسر في هذه المواجهة، لكنه مثل لاعب القمار الذي يعتقد في كل مرة أنه سيربح، رغم خسارته الدائمة، ولذلك فهو يوغل في الدم والإعدامات، من أجل دفع الغرب إلى القبول بدوره الوظيفي محليا وإقليميا، بعد أن بدأ يفقد أنصاره في الداخل والخارج، مع التغيرات الكبيرة من الراعي الأكبر، الذي قدم له الكثير من "الرز" في السابق.يعلم الثوار في مصر أن "نصف ثورة" هي وصفة أكيدة للانتحار، فأنصاف الثورات تنتهي بكارثة على أصحابها، ويعلم الثوار في مصر أن المعركة ضد الانقلاب قاسية وطويلة وتحتاج إلى نفس طويل.إعدام الرئيس المنتخب مرسي والقيادات التي أفرزتها ثورة يناير ليست نزهة وهي ستغرق مصر والعالم العربي في بحر من الاضطرابات لن يفلت منه أحد، فإعدام مرسي وصحبه هو إعدام لمصر والوطن والشعب والحرية والثورة.