31 أكتوبر 2025

تسجيل

الخصوصية المفقودة

19 مايو 2012

تصلني رسائل كثيرة عبر البريد الالكتروني أو حتى محادثات هاتفية من أخوات وزميلات عمل منذ بدأت سلسلة مقالاتي الأخيرة عن العلاقات الأسرية وسبل نجاحها وتطويرها لما فيه مصلحة كيان الأسرة. معظم تلك المحادثات أو الرسائل تتحدّث عن تنامي ظاهرة الطلاق وخاصة في السنين الأولى من الزواج وبين شباب ما زال حديثي السن ولا توجد لديه اى ظروف قاهرة تجعل الطلاق الحل الأخير. وبالتمعّن في جوهر المشكلة وجدت أن تعدّي كلِّ طرف على خصوصية الآخر بحجة أن الزواج أزال الحواجز وهو سبب رئيسي من أسباب الطلاق لشعور كلِّ طرف وخاصة حديثي الزواج انه في سجن مكبّل تُعدّ عليه أنفاسه وتحركاته وفى هذا السياق نشر موقع ياهو العالمي بحثا عن الخصوصية كتبته الباحثة الاجتماعية البرازيلية آنا كازونا، التي قالت فيها: "المعاشرة الطويلة بين الزوجين لا تزيل الحواجز حول بعض الخصوصيات والعادات الخاصة جدّاً، المتعلّقة بطبيعة كل إنسان، فالزوجان يتشاركان في معرفة الأصدقاء والعلاقات العائلية، وحتى في شفرات بطاقات الائتمان، ولكن مع ذلك فإن هناك خصوصيات كثيرة لكلٍّ منهما، خصوصيات متعلّقة بالمرأة وأخرى متعلّقة بالرجل". وهذا ما أكده لي الكثير من المتّصلات أو حتى بعض السيدات اللاتي التقي معهن في بعض الجلسات النسائية، حيث يشاركن الباحثة في الأمر ويؤكدن ذلك وهو أن هناك فرقًا كبيرًا بين المشاركة والخصوصيات. فالزوجان يمكن أن يتشاركا في كلِّ ما يتعلّق بالحياة الزوجية من حيث التفاهم حول معظم القضايا.. كاختيار الأصدقاء، ورسم حدود العلاقة مع عائلتيهما، وإنجاب الأولاد وتربيتهما، والمصاريف اليومية، والسفر، وقضاء الإجازات، ومساعدة بعضهما البعض في حالات المرض وغيرها. المشاركة في هذه الأمور لا يعني المشاركة في الخصوصيات، ولا يعني أن أحدًا من الطرفين يقتحم خصوصيات الآخر. وأضافت: "الخصوصيات تعني تلك التصرّفات التي تميّز شخصية أحد الزوجين عن الآخر؛ لأنه ليس هناك شخصان متطابقان في كلِّ الأمور في هذه الحياة". وقد أكّد البحث أن بعض الأزواج وليس الكل يتدخلون في السلوكيات الخاصة جدًا للشريك، كطريقة الضحك والحديث والاذواق في بعض الاشياء.. أو ما يجب قوله هنا وما لا يجب قوله، وإلى ما هنالك من أمور سلوكية لا يفيد معها أي تدخّل من قبل الآخر؛ لأنها مرتبطة بالطريقة التي تربّى عليها كلُّ شخص أو ما ورثه عن أبويه. وتقول الباحثة مستهجنة: "الأمور أعلاه يمكن تلقينها للأطفال وليس للبالغين المتزوجين". وأنا أتفق مع الباحثة أن محاولة خرق خصوصيات الآخر تعتبر نوعًا من أنواع التجسّس عليه؛ فالمرأة التي تضع أذنيها على فتحة الباب لتستمع إلى حديث زوجها مع أحد ما هو إلا نوع من التجسّس عليه، وكذلك دليل ضعف الثقة المتبادلة بينهما، فليس كلّ حديث خاص يعني أن الآخر يحاول ارتكاب الخيانة الزوجية. ومن الخصوصيات التي تعتبر سيئة جدًا وهو البحث عن الأشياء في جيوب الآخر، ووصفت الباحثة ذلك بأنه تصرّف طفولي؛ لأن مَن يحاول الخيانة فإنه سيعمد إلى إخفاء جميع الأدلة. وأكّدت أن علاقات زوجية كثيرة انهارت بسبب محاولات اختراق خصوصيات أحد الطرفين، وبخاصة محاولات النساء معرفة الأرقام السريّة للهواتف في الهاتف الخلوي للزوج لمعرفة هل له علاقات نسائية، أو محاولة التجسّس للكشف عن شفرة البريد الإلكتروني له، والعمل على تعقّب أحدهما للآخر؛ لمعرفة الأماكن التي يتردّد أو تتردّد عليها وطبعاً هذا البحث طبق على الطرفين على الرجل والمرأة ومن وجهة نظري الثقة مطلوبة من الطرفين لاستمرار الحياة الزوجية. وأخيراً هى دعوة للجميع إلى الثقة في الآخر؛ لأن مجتمعنا الإسلامي بخير وان شعور الآخر بك تقدير له واحساسه بأنك تشعر معه بالأمان سيأتي بمردود إيجابي عظيم، بعكس انك تشعره انه لا يعيش مع زوجه وإنما يعيش مع رجل أمن يعد عليه أنفاسه ساعتها سيتمنّى الساعة التي يهرب فيها من جحيم القيود، عفواً حتى لو كان مسماه الحقيقي بيت الزوجية وسلامتكم.