12 سبتمبر 2025
تسجيلفي الوقت الذي تعج فيه الثورات والكثير من المتغيرات والأحداث في الدول المحيطة بنا نجد أنفسنا وسط هدوء نسبي قد تعقبه عاصفة أو قد يعقبه هدوء وأمن وأمان كما كان ولا يزال الحال عليه و الحمد لله، ولكننا من يصنع الأحداث هذه الأيام ونشارك في صنع الكثير من المتغيرات على الساحة الدولية، فقطر لها جهود وتحركات على أكثر من مستوى وعلى أكثر من اتجاه، فهاهي تقف كأول دولة عربية تدعم الثوّار في ليبيا وتعترف بالمجلس الانتقالي الليبي وتبذل الجهود العربية والدولية من أجل الوقوف إلى جانب الشعب العربي الليبي في محنته ومأساته الكامنة في بقاء المعتوه معمر القذافي يعيث في الأرض فساداً هو وكتائبه، وفي مكان آخر هناك جهود أخرى لدعم مصر والوقوف إلى جانبها للعودة بها إلى مكانها الطبيعي في مقدمة وطليعة الدول العربية المتصدرة للمواقف المشرّفة للأمة العربية والإسلامية لا كما كانت عليه في عهد الطاغية حسني مبارك ومن سبقه من حكام جاؤوا بالمهانة والاستسلام أكثر من العزة والنصر لمصر ولأمتهم، فقامت قطر بتأييد ودعم الثورة المصرية ومن قبلها التونسية صاحبة الفضل الأكبر في نهضة الشعوب وثورتها على الفساد وظلم الحكام. وفي موقف آخر تقف قطر مع مطالب الشعب اليمني المنادي بإسقاط نظامه الذي يتزعمه صاحب "النفس الطويل" لا "الظل الطويل" الذي قصرت هامته وطال لسانه فكذب كثيراً وتمادى بوعوده و مماطلاته لشعبه الذي لا يزال يسقط منه الشهداء يوماً بعد آخر، وهو – أي علي عبد الله صالح – يشاطر رفيقه الكذّاب الأشر معمر القذافي فينهال بالتهم والتهديدات والوعود لقطر ومواطنيها بسبب مواقفها المتضامنة مع الشعبين الليبي واليمني. وهناك مواقف أخرى كثيرة منها ما هو سياسي الاتجاه ومنها ما هو إنساني كموقفها ومساندتها ودعمها لقطاع غزة ولجزر القمر ومصر وليبيا وغيرها , ناهيك عن دورها في المصالحات في السودان وفلسطين مؤخراً، كل تلك الأحداث بلا شك تجعل قطر وأخبار قطر تتصدر الصفحات الأولى في العديد من صحف العالم ولعل هذا مبعث سرور أي مواطن حينما يشعر بالفخر لمواقف وطنه بين الدول والقضايا المهمة في العالم، لكن ما يحدث على أرض الواقع بيننا كقطريين أصبح مقلقاً للكثير من الناس من أن يصبحوا ضحايا من حماقات يرتكبها القذافي أو علي عبد الله صالح أو أي عدو ظاهر أو خفي لقطر، فالمواطن القطري أصبح يخاف أكثر من ذي قبل على نفسه وعلى أسرته وعلى مجتمعه في الداخل والخارج، وليس في ذلك مداهنة أو "غشمرة " يجب أن نمررها دون قلق أو خوف أو مصير مجهول مقلق نوعاً ما. نحتاج إلى أن نهدأ وأن نطمئن إلى مستقبلنا ومستقبل أبنائنا ومجتمعنا بعد خمس أو عشر سنوات من الآن ولا نريد أن نبالغ فنقول بعد عشرين سنة وأكثر، ولكننا نحتاج إلى أن نتريث لندرك حجم المخاطر التي تحيط بنا أو تراكمت حولنا فبعد أنا كنّا " في حالنا " أصبحت الأنظار " حولنا " ولم نعد ندرك هل هذه الأنظار نظرة حقد أم حسد أم إعجاب أم انبهار أم غبطة أم ماذا بالضبط؟ الأمر الأهم الذي لابد أن تلتفت إليه الحكومة هو الرضا الشعبي الذي بدأ يتذمر من تلك المعونات التي تُعطى وتُمنح للدول يمنة ويسرة في حين أنه مستبعد من تلك الأموال التي هي من ثروات وطنه الذي عاش وتربى على ترابه ولا يريد أن يُدفن كذلك إلا فوق أرضه ولكنه يريد أن يفعل ذلك وهو يلهج بلسان الشكر والثناء لا التذمّر والتندر والفكاهة حتى أصبحت مسألة المعونات تؤثر سلباً على الناس، خاصة أن الكثيرين لا يزالون يغرقون في ديونهم وأوضاعهم المعيشية البائسة والتي لا تتفق مطلقاً مع مقولة " أعلى دخل في العالم " منذ أن غرق العالم بأسره في الأزمة الاقتصادية وحتى هذه اللحظة، خاصة أن الحكومة قد التفتت إلى البنوك فقامت بتعويضها ودعمها من أجل أن تنهض على قدميها بعد تلك الهزات الاقتصادية والتي بسببها كادت أن تعلن بعض البنوك في العالم عن إفلاسها إن لم تكن قد أفلست وانهارت بالفعل، بينما لم نجد من نتيجة أو تأثير إيجابي لذلك الدعم الحكومي للبنوك على الفوائد البنكية الربوية التي اتخذتها بعض البنوك الربوية في الدولة حجة لها كي تعوّض خسارتها في الأزمة عن طريق مضاعفة الأرباح إلى أضعاف مضاعفة أدت إلى مضاعفة ديون الناس فأصبح المواطن مديوناً لعشرين أو خمس عشرة سنة قادمة، فأين العدالة في تصحيح الأوضاع المالية والديون للمتضررين لدى تلك البنوك عندما ساعدتها الحكومة على الوقوف مجدداً؟ هل من المعقول أن نقف متفرجين ونحن ننظر إلى مستقبل مئات بل وآلاف الشباب من القطريين يهدد بالضياع نتيجة لعدم مقدرته على سداد هذا الدين الممتد لسنين قادمة؟ هل ننتظر من أولئك الشباب أن يتزوجوا و أن يفتحوا بيوتاً سعيدة؟ هل ننتظر بعد ذلك زيادة سكانية في عدد سكان قطر الأصليين ونحن نشاهد هذا العزوف القسري عن الزواج؟ هل هذه بداية النهاية لمجتمع كان آمناً مطمئناً مرفّهاً أم أنها بداية الخوف والقلق على مصير مجهول يحتاج إلى المزيد من الاهتمام بمواطنيه في الداخل ومصيرهم في الخارج كذلك... والله من وراء القصد.