17 سبتمبر 2025

تسجيل

لا يغُرَّنَّك طولُ الأمل

19 أبريل 2018

"واعلم أنه من أعظم المحن الاغترار بالسلامة بعد الذنب"، إنه سطر من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي، كلام جميل جدا وخطير جدا أيضا، ويجب علينا أن نفهمه ونعقله جيدا. فدائما نرى أنفسنا نغرق في غياهب المعاصي وفي ظلم الذنوب وننسى أنفسنا، وحين يذكرنا أحدهم نتعذر بطول الأمل وتأجيل التوبة والعودة إلى الله، ولا ندري أن هذا أمر خطير وجهل في نفوسنا وفهم خاطئ لرحمة رب العالمين وعفوه عن عباده. فما زلنا في ذنب يتلوه ذنب ومعصيه تتبعها معصية، إلى أن يأتي الأجل وهناك لا تلومنَّ إلا نفسك. والأمر الثاني هو التمادي بعد أن يرى الإنسان أنه سليم بعد الذنوب ولم يُفضح ولم يُحاسب ولا يدري المسكين أنه يكون قد يمهل ليزيد ولتزيد ذنوبه ويزيد عقابه، وللأسف هذا حال الكثير من الناس، وهو يعيش وسط الأخطاء وينعم بنعم الله عليه، ولكن اعلم أن مهما طال الأمل فلابد من العقاب. ومن أدلة سلامة القلب، أن يحس بحسرة إذا عصى وأن يأتيه ضيق بعد الذنب والعكس صحيح من أدلة مرض القلب، عدم الاهتمام بالمعصية والمواصلة على نفس الذنوب بدون أي شعور بالضيق أو حسرة، وكأنه يحارب الله نسأل الله السلامة والعافية. فيجب على الإنسان المسلم أن ينظر إلى قلبه وأن يعمل على سلامته، فبسلامته تسلم وبفساده تفسد، ويجب أن يكون هذا القلب معلقا بالله، وأن تعلم أنه مهما ابتعدت عن الله، فإن باب التوبة مفتوح، ولكن للتوبة شروط وأهمها الندم وليس المكابرة. واعلم أن الله يغفر الذنوب جميعا، ولكن احذر أن تحارب الله بإصرارك على المعصية، واحذر من تأجيل العودة، فلا تدري متى يأتي الأجل، فأسرع بالعودة والتوبة قبل أن تُغلق صحيفتك.