13 سبتمبر 2025

تسجيل

كيف تطيعون "إبليس" ثم تدينونه؟

19 أبريل 2018

أحياناً تأخذني الشفقة بأمريكا وإسرائيل، فما من مصيبة تلم بنا إلا وانهالت اللعنات عليهما، و"اللهم اجعل أموالهم غنيمة لنا، واجعل نساءهم سبيا لنا"، وهذا دعاء ينقصه القطران، فلكي تستمتع بالغنائم والنساء، عليك أولا أن تهزم البلدين، والشاهد هو أن الولايات المتحدة وإسرائيل، صارتا مثل إبليس الذي يلقي عليه البعض تبعة أخطائهم وخطاياهم المتكررة، فتجد شخصا قبضوا عليه وسجنوه عشر مرات لتعاطي المخدرات، يكون دفاعه في المرة الحادية عشرة أمام المحكمة أن إبليس هو الذي أوعز إليه بالتعاطي، ويريد صاحبنا من المحكمة أن تقضي باعتقال وسجن إبليس . ومثل هذا "الدفاع"، كأن يدفع متهم ارتكب جريمة قتل، بأنه لم يكن في كامل قواه العقلية لحظة ارتكاب الجريمة، لأنه كان تحت تأثير الخمر، ومن ثم لابد من إلقاء القبض على الزجاجة التي شرب منها، أو اعتقال صاحب مصنع جوني ووكر في اسكتلندا، وتسليمه للبلد الذي ارتُكبت فيها جريمة القتل، باعتبار أن السيد جوني ووكر (وهو نوع من الويسكي له شعبية كبيرة في العالم العربي) هو الجاني الأصلي، ولعلي كتبت أكثر من مرة (نقلا عن مجلة روز اليوسف)، عن السائق المصري الذي ظلت سيارته، وبعلمه، بدون فرامل (بريك) طوال ستة أشهر، ولكنه لم يكن يريد تعطيل نشاطه لبضع ساعات لإصلاح الفرامل، لأنه "مزنوق في قرشين"، وذات مرة فقد السيطرة عليها فسقطت داخل ترعة، ومات ستة من الركاب الذين كان يقلهم، وقال السائق للقاضي: يا بيه ربنا كتب أنهم حيموتوا في عربيتي بالطريقة دي. وأنا مليش ذنب!! مشكلة دارفور في غرب السودان، بذرت بذورها حكومات سابقة لحكومة المشير عمر البشير، حيث قامت بتسليح ما يسمى بالقبائل العربية، لمحاربة التمرد في جنوب البلاد، وظلت المنطقة تغلي لعقود، بسبب انتشار السلاح، وشاءت الأقدار أن ينفجر القدر على نحو مدمر قبل نحو 15 سنة، وقامت تلك القبائل التي يقال إنها عربية، بمساندة القوات الحكومية في وجه حركة التمرد الدارفوري، وأثبتت شراسة قتالية مرعبة، وفعلت ما فعلت ليس حباً في الحكومة، ولكن للحلول محل القبائل الأصلية في شمال وغرب دارفور، ونشأت عن ذلك مأساة إنسانية، سمعت بها أمريكا المزنوقة في الساحة الدولية، ورأت فيها فرصة لعكس وجهها الإنساني، وتحقيق مكسب يبيض وجهها الكالح، أمام الناخبين، على عهد جورج بوش الثاني، وهو يخوض معركة البقاء في البيت الأبيض، فدخلت الساحة السودانية بثقلها، وهكذا وجدت حكومتنا شماعة تعلق عليها كل البلاوي التي تسببت فيها هي والحكومات التي سبقتها، وقالت إن أمريكا تقف وراء أحداث دارفور. وواقع الأمر هو أن أمريكا تقف اليوم في قلب أحداث دارفور، وسوريا وكمبوديا وكوبا وليبيا، فقد ابتلاها الله وابتلانا معها برئيس (ترامب)، يتخذ قراراته باستخدام ال"ترامبولين"، وهي تلك القماشة المطاطية التي تقفز عليها من باب ممارسة الرياضة، وبما أن ترامب لا يملك المهارات اللازمة للنطنطة، فإنه ينطنط فوق ترامبولين دماغه ذي الإمكانات المحدودة، ومطرح ما ينزل، ينزل، وهو يغرد ويرسل تغريداته عبر تويتر، حاثا جنوده على الضرب، و"مطرح ما يسري يهري" ولكن من فتح الباب لواشنطن كي تحشر أنفها القميء في دارفور؟ وفي فلسطين ظلت السلطة الوطنية تعك وتخبص وتلخبط وتخربط وتخرَّف وتجدف كما يحلو لها، وتفسر عجزها عن إنجاز أي شيء، بالصياح: الله يجازي اللي كان السبب (إسرائيل)! هل إسرائيل هي التي أنشأت 13 جهازاً أمنياً فلسطينياً للتربص بالفلسطينيين؟ واختلست مئات الملايين؟ إسرائيل هي التي وضعت شؤون الحكم في بأيدي أشخاص معدودين محدودي القدرات، من فرط حبها لهم؟ كفوا عن الاستخفاف بعقولنا، حتى لا يصير إبليس وواشنطن وإسرائيل أبطالاً خارقين وموضع تعاطف.