11 سبتمبر 2025
تسجيلرغم الزلزال الذي ضرب الإكوادور مؤخرا وأسفر عن مقتل 300 شخص وجرح 2500 آخرين، فإن هذه الدولة اللاتينية تعيش استقرارا لافتا بعيدا عن الزلازل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتسود فيها حالة من التسامح بين المكونات المختلفة للمجتمع الإكوادوري ومن بينهم العرب.للإكوادور وجه عربي بارز، فالجالية العربية، السورية واللبنانية والفلسطينية والمصرية، استوطنت هناك منذ فترة طويلة، وصار لها وجود بارز في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فاثنين من رؤساء الإكوادور من أصول عربية، وهذا يعكس حالة التسامح والانفتاح والسلام الاجتماعي والعرقي والديني في هذا البلد.تقدر الإحصاءات عدد المسلمين هناك بحوالي 2000 مسلم هاجروا إلى هناك منذ بداية القرن الماضي، ويتركزون في كيتو وجواياكيل وتجمعات بسيطة في مانابي ولوس ريوس وإزميرالدس. وأسس العرب المسيحيين والمسلمين منظمة موحدة في الأربعينيات والنادي العربي والنادي اللبناني والنادي السوري "نادي بيبلوس" في الثمانينيات. وفي منتصف التسعينيات، استأجر المسلمون مكانًا لإقامة صلوات الجمعة. ثم وفرت السفارة المصرية موقعا للغرض نفسه. كما أسست الحكومة المركز الإسلامي الإكوادوري في 15 أكتوبر 1994. كما تأسس مسجد خالد بن الوليد عام 1991.المشاركة السياسية للعرب في الإكوادور لافتة فهناك وزراء وسفراء ونواب ورئيس مجلس نواب (أسعد بوكرم) وقضاة وغيرهم، ومن بين هؤلاء السفير قبلان "أبي صعب"، سفير الإكوادور في قطر، وسفير غير مقيم لخمسة دول أخرى في المنطقة، الذي يفتخر بعروبته وإكوادوريته في الوقت نفسه، وهو قصة نجاح عربية لأنه بدأ حياته رجل أعمال ثم اتجه نحو العمل السياسي والدبلوماسي، ويلعب دورا مهما في تقريب وجهات النظر بين بلاده والدول العربية خاصة قطر.وفي هذا السياق يرى السفير "أبي صعب" أن العلاقات بين الإكوادور وقطر تشهد نقلة نوعية كبيرة منذ تدشين سفارتي البلدين عام 2012 على كل الأصعدة، سياسيا واقتصاديا وثقافيا، خاصة مع توفر البيئة المناسبة والفرص الاستثمارية، خاصة أن قطر وقعت مع جمهورية الإكوادور في السنوات الثلاث الأخيرة نحو 14 اتفاقية بين الدولتين.الجميل أن عددا لا بأس به من رجال الأعمال القطريين زاروا الإكوادور، وتعرفوا عن قرب على مجالات الاستثمارات. كما أن هناك شركات في الإكوادور برؤوس أموال قطرية، يملكها رجال أعمال قطريون. منها مجموعة نفطية اسمها "جينتي أويل".السفير "أبي صعب" الذي يعتبر جسرا للتقارب بين ثقافتين يقول إن بلده الإكوادور داعم دائم للقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فالإكوادور هي ثاني دولة في أمريكا اللاتينية تعترف بدولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وقامت بفتح سفارة في فلسطين واحتضنت سفارة فلسطين في العاصمة كيتو، وهي داعمة دائمة لهذه السفارة، وتواصل دعم القضية الفلسطينية في كل المحافل الدولة، وصل إلى درجة استدعاء سفيرها مرتين من تل أبيب، الأولى استنكارا لقصف سفينة الحرية والثانية رفضا للعدوان على غزة، وقامت بإرسال مساعدات إنسانية إلى فلسطين في سبتمبر 2014.حقيقة الأمر أننا نحن العرب نجهل الإكوادور، وأمريكا اللاتينية، ونجهل ثقافتها وحياتها وكتابها، فهي بالنسبة لنا عالم مجهول، فالغالبية العظمى من العرب لا يرون في العالم غير أوروبا الغربية أو الولايات المتحدة الأمريكية، أما باقي العالم فهو مجهول بالنسبة لنا، في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، رغم أن غالبية دول هذه القارات ناصرت العرب في قضاياهم وهي دول غنية بناسها مواردها وثرواتها.الإكوادور قصة كبيرة تختصر عوالم أمريكا اللاتينية، وعوالم أناس تعاطفوا معنا عن بعد، ينبغي لنا أن ننفتح عليها ونعرفهم أكثر، وحان الوقت الآن لرد الجميل الآن في التعاطف مع ضحايا الزلزال الذي ضرب الإكوادور وأزهق الكثير من الأرواح البريئة، وما أحدثه من دمار كبير، وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهذا البلد الذي لم يتأخر دعم العرب وقضاياهم.